فلم يبق في الحقيقة ما يمكن لهم الاعتماد عليه إلاّ صحيحة ابن بزيع : " قال : كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن البئر يكون في المنزل للوضوء فيقطر فيها قطرات من بول أو دم أو يسقط فيها شيء من عذرة كالبعرة ونحوها ما الذي يطهرها حتى يحلّ الوضوء منها للصلاة ؟ فكتب ( عليه السلام ) في كتابي : ينزح منها دلاء " [1] . وصحيحة علي بن يقطين : " عن أبي الحسن ( عليه السلام ) عن البئر يقع فيها الحمامة أو الدجاجة أو الفارة أو الكلب أو الهرة ، فقال ( عليه السلام ) : يجزيك أن ينزح منها دلاء ، فإنّ ذلك يطهّره ان شاء الله " [2] فإنّ لفظة " التطهير " لها ظهور في كونها محتاجة إلى التطهير ، وليس إلاّ لانفعالها بتلك المسوولات من النجاسات الملاقية لها ، فدلّتا على انفعالها بالملاقاة وموثّقة عمار الواردة في وقوع الكلب والفارة والخنزير : " قال ( عليه السلام ) : ينزف كلّها ، فإن غلب الماء ينزف يوماً إلى الليل وقد طهرت " [3] . وفيها ضعف ظهورها في أنفسها ، لاحتمال الإرادة من الطهارة رفع القذارة المتوهّمة ، أو النفرة الطبيعية ، ولظهور الصحيحتين في انصبابهما مساق التقية ، كما يشهد له إجمال المطهِّر من الدلاء الغير المبيّنة المقدار ولا القابلة للتبيين ، لوقوعها فيهما مطهّرة للمختلفات في مقدار النزح ، فإنّ حملهما على مطهّرية النزح لكلّ نجاسة بمقدار ما قدّر لها شرعاً غير صحيح ، إذ ليس ذلك من المعلومات في الشريعة ليمكن الحوالة إلى محلّ النزح مضافاً إلى وقوعه مقام البيان المنافي للإجمال والحوالة ، سيّما وأنّ الأُولى منهما لكونها مكتوبة يناسبها الإجمال المفيد للاتقاء ، كما يشهد له رواية هذا الراوي في عدم الانفعال ما هو أصرح من تلك الرواية بمراتب . نعم ذكر الشيخ الأُستاذ - طاب ثراه - أنّ حسنة الفضلاء أظهر دلالة من تلك ،
[1] الوسائل 1 : 130 ، الباب 14 من أبواب الماء المطلق ، ح 21 . [2] الوسائل 1 : 134 ، الباب 17 من أبواب الماء المطلق ، ح 2 . [3] الوسائل 1 : 143 ، الباب 23 من أبواب الماء المطلق ج 1 .