كما عن الشهيد في الذكرى أنَّه استثنى الأصحاب من انفعال الماء القليل ثلاثة مواضع . مع أنَّك عرفت أن لا شبهة في عموم الكيفيّة عند العرف ومأنوس إليه أذهان المتشرِّعة بعد معرفة أنّ الملاقاة مع الرطوبة مؤثّرة حتى في الجوامد الرطبة ، وأنّ مستندهم في ذلك ليس إلاّ مجرّد الوصول ، غير فارقين فيه بين أنحائه وكيفيّاته . ومعلومٌ أنّ الخلاف في المسألة لا يُوهن ما هو محكّم عند العرف ، ولا يوجب رفع اليد عنه . هذا كلّه مضافاً إلى ما عرفت من قوّة ما يدلّ على العموم من الصحاح المستفيضة الدالّة عليه بالمفهوم عموماً ، مثل قوله : " إذا كان الماء قدر كُرٍّ لم ينجّسه شيء " [1] بالتقريب الذي ذكرناه من أنّ المستفاد منه سببيّة ملاقاة النجاسة للتنجيس ، وأنّ العموم هو المحكم من مثله ممّا حمل الحكم في المنطوق على أشخاص الأفراد . ومن خصوص ما ورد منها في خصوص الوارد ، كأخبار غسالة الحمّام [2] بتقريب ما بيّناه في معقد إجماع الحلّي فيها ، والأخبار الدالّة على اشتراط جريان المطر في الحكم بطهارة مائه الوارد على النجس [3] وما دلّ على وجوب تطهير إناء الخمر لأجل جعل الماء فيه [4] ، مع أنّ المجعول فيه وارد . اللّهمّ إلاّ أنْ يدّعى أنّه لأجل الحكم بالطهارة بعد الاستقرار لا أوّل الورود ، وهو كما ترى . ومثل تعليل خبر الأحول في الحكم بعدم انفعال ماء الاستنجاء بأنّ الماء أكثر [5] مع أنّ العلّة على هذا القول ورود الماء لا كثرته . ومثل الإجماع المدّعى على انفعال خصوص الوارد ، كالذي تقدّم عن الحلّي
[1] الوسائل 1 : 117 ، الباب 9 من أبواب الماء المطلق ، ح 1 . [2] الوسائل 1 : 158 ، الباب 11 من أبواب الماء المضاف ، ح 1 - 3 . [3] الوسائل 1 : 108 - 109 ، الباب 6 من أبواب الماء المطلق ، ح 1 - 3 . [4] الوسائل 2 : 1074 ، الباب 51 من أبواب النجاسات ، ح 1 - 2 . [5] الوسائل 1 : 161 ، الباب 13 من أبواب الماء المضاف ، ح 2 .