فإنّ ظاهر تقييده الجواز بخلوّ البدن عن النجاسة ، بل ولفظة : " في إناء نظيف " هو نجاسة الماء الوارد على النجس ، وخروجه عن قابليّة الاستعمال ثانياً . واحتمل الشيخ الأُستاذ - طاب ثراه - كون المنع حينئذ لمنعه عن رافعيّة الغسالة للحدث ، مع قوله بطهارتها . فاشتراط الخلوّ لئلاّ يدخل الماء المجتمع في عنوان " الغسالة " الغير الرافعة عنده ، مع أنَّها أيضاً طاهرة عنده . ولكن يبعده عدم صدق الغسالة عليه إذا استُعمل بقصد رفع الحدث وإنْ أزال الخبث أيضاً تبعاً . وكذا قوله : " في إناء نظيف " الظاهر في نظافته عن النجاسة ، لا عن الوسخ . ونحوه قول ابن إدريس في أوّل السرائر : " والماء المستعمل في تطهير الأعضاء والبدن الذي لا نجاسة عليه ، إذا جُمع في إناء نظيف كان طاهراً مطهّراً ، سواء كان مستعملا في الطهارة الكبرى أو الصغرى على الصحيح من المذهب " . ولا يحتمل في كلامه هذا ما احتمله الأُستاذ في كلام السيّد ، من كون الشرط لأجل عدم رافعيّة الغسالة ، لأنّه ( قدس سره ) صرّح بأنَّ ظاهره رافعية كلّ ماء طاهر ولو الوارد على النجس على القول بطهارته . وأنّ مقصوده من كلامه هذا هو الردّ على الشيخ المانع من رافعيّة المستعمل في الحدث الأكبر . وكذا قوله في مسألة الاستنجاء وماء الاغتسال من الجنابة : " إنّه متى انفصل ووقع على نجاسة ثم رجع إليه وجب إزالته " . ودعواه الإجماع على نجاسة غسالة الحمّام ، مع أنَّها غالباً من المياه الواردة على النجاسة . وردّه القول بتعدّي النجاسة عن ملاقي الميّت إلى ما يلاقيه - كما هو المشهور - بأنّه لو كان كذلك لزم نجاسة الماء الذي يستعمله ماسّ الميّت في غسل المسّ ، مع أنّ المستعمل في رفع الحدث طاهرٌ إجماعاً . انتهى . حيث إنّه لو كان قائلا بطهارة مطلق الوارد لم يكن وجه لنقضه بالماء الذي يستعمله ماسّ الميّت ، لوضوح أنّ استعماله إيّاه إنّما هو بإيراده على بدنه لا العكس . هذا كلّه مضافاً إلى أنّه لا دليل على التفصيل المنسوب إليهما ، ولا مخرج لخصوص الوارد عن تحت العموم المسلّم عمومه ، كما يشهد لتسليم هذا العموم ذكرهم الموارد المذكورة من ماء الاستنجاء وغيره من مستثنيات تلك القاعدة ،