وصلت آلافاً ، لكفاية مقيّد واحد لرفعها على ما هو طريق الحقّ والصواب من حمل المطلق على المقيّد ، وعدم التماس الترجيح بينهما كالمتباينين . فممّا يدلُّ على انفعال القليل قول الصادق ( عليه السلام ) في صحيح محمّد بن مسلم : " قال : قلت : الغدير فيه ماء مجتمع ، تبول فيه الدواب ، وتلغ فيه الكلاب ، ويغتسل فيه الجنب ؟ قال : إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء " ( 1 ) ، كصحيح معاوية بن عمّار ( 2 ) الذي هو مثله ، فإنّهما دلاّ على أنّ العصمة في الراكد - الذي هو مورد السؤال - منوطة ببلوغه كرّاً ، فما لم يبلغه لا قابلية له للاعتصام عمَّا يقع فيه ممّا يقتضي الانفعال وهو ملاقاة القابل للتأثير ، فمفهومهما حينئذ انفعال القليل من الراكد ، أو مطلقاً بناءً على أنّ خصوصيّة المورد لا تخصّص عموم الجواب بكلّ ما لاقاه ممّا من شأنه تنجيس ملاقيه ، لا لأنّ مفهوم السالبة الكليّة موجبة كليّة - ولو في خصوص المقام ، باعتبار نفس القضيَّة - لأنَّ الحقّ في مفهومه - على ما يساعده العرف - هو الايجاب الجزئي ، بل لأنّه أيضاً يكفينا في المقام ردّاً على العماني ، إلاّ أنّ لي مقصداً في إثبات العموم أنا مهتمّ به ، لما رأيته من سيّد الرياض في سالف الزمان أنّه ردّ بعض فروع المسألة أو استشكل فيه ، لنفيه وجود عموم يدلّ على كلّية الانفعال ، ليكون المخرج منه أو المخالف له ، ممّا يتوهَّم فرديّته له محتاجاً إلى المخرج ، بل جعل عدم انفعاله على وفق القاعدة ، لنفيه دلالة مثل هذا الصحيح على العموم ، وقصره الدليلَ على الانفعال في الخصوصات التي حسب اختصاصها بموردها من المياه والنجاسات وكيفيَّة الملاقاة . فمقصودي أن أُتمّم العموم من الجهات الثلاث لرفع تلك الغائلة ، فأقول : إنَّ الخبر الشريف دالّ بمفهومه القويّ على العموم من جهتي النجاسة والكيفيّة ، بل من الجهات الثلاث ، بناءً على إلقاء الخصوصيَّة لا لما ذكر ، بل لما أشرت إليه من دلالة الخبر على وجود المقتضي للتنجيس ، وأنّ الكُرّيّة مانعة عن الاقتضاء في خصوص
( 1 و 2 ) الوسائل 1 : 118 ، الباب 9 من أبواب الماء المطلق ، ح 5 . وص 117 ح 2 .