بحيث يخرج عن العادة ويصل إلى الإلية ، كما اعتبروا ذلك في عدم عفو ماء الاستنجاء ، ولولا دعوى العلاّمة الإجماع في التذكرة على أنّ المتعدّي هو ما يتعدّى عن المخرج في الجملة ولو لم يصل إلى الحدّ المذكور لقلت : مراد الأصحاب ما قلناه ، لعموم الأدلّة مع عدم المخصص " . انتهى . وظاهر كلامه الأخير حمل كلمات الأصحاب على ما يقوله لينطبق حكمهم على الدليل ، فهو سلّم ظهورها في كفاية مطلق التعدّي كما صرّح به المحدّث البحراني على ما حكي عن حدائقه من قوله : " انّ معنى التعدّي لا يخلو من إجمال وإشكال ، حيث إنّ ما صرّح به الأصحاب من أنّه عبارة عن تجاوز الغائط للمخرج وهو حواشي الدبر وإن لم يبلغ الإليتين لا دليل عليه في أخبار الاستنجاء بالأجمار من طرقنا ، بل هي مطلقة " . انتهى . فظهر أنّ مراد الأصحاب من التعدّي هو ما يزيد على ما يتلوّث به حواشي الدبر في الغالب المتعارف وإن لم يصل إلى ما يخرجه عن اسم الاستنجاء . وتأمّل هؤلاء الجماعة فيه إنّما هو من حيث الدليل لا من حيث إجمال المراد ، لأنّهم - كصاحب المدارك - لا يرون العمل بالنبويين ، فمن يعتني منهم بالإجماع ويرى حصوله يسكن اليه كما عن الحدائق من قوله : " الظاهر أنّ مستند أصحابنا في ذلك هو الإجماع كما صرّح به جماعة " ، ومن لا يرى حصوله ولا يعتني بمنقوله يتوقّف كما توقّف فيه جملة من متأخّري المتأخّرين ، بل جزم بعضهم كالسيد السند في المدارك بأنّه : " ينبغي أن يراد بالتعدّي وصول النجاسة إلى محلٍّ لا يعتاد وصولها اليه ولا يصدق على إزالتها اسم الاستنجاء " انتهى . ثم استقربه هو ، ومن لا يعتني بالإجماع أو لم يحصل له فإنّ عليه أن يعمل فيه - حينئذ - بمقتضى القاعدة ويتبع فيه أثر الأدلّة كما عرفته من المدارك والحدائق . فتبيّن أنّ كلماتهم صريحة أو ظاهرة في أنّ المراد من التعدّي هو ما كان خارجاً عن الحالة المتعارفة وإن لم يبلغ مرتبة الخروج عن اسم الاستنجاء ، فكما لا يجب بلوغ تلك المرتبة كذا لا يصدق على ما تلوّث به نفس الحواشي التي هي