الكمية فبيّن أنّ المقدار المعتبر لإزالة مثل هذه النجاسة هو هذا ، لأنّه أقلّ مقدار يمكن في العادة إعماله لإزالة مثل هذا النجس . وبالجملة فالخبر بعد قبوله للاحتمالات الثلاثة التي ذكرناها عرفاً الغير المنافية لما هو ظاهر فيه من إعطائه بيان قدر ما يجزي من الماء المستعمل في المقام لا يبقى مجال لفهم كفاية المرّة منه باعتبار إطلاقه كما في الجواهر ، وحكاه عن كثير من الأصحاب لعدم سوقه لبيان العدد حتى يؤخذ بإطلاقه ، لوروده مورد حكم آخر كما بيناه أو محتمل له قوياً ، فلم يحرز فيه شرط الإطلاق وهو وروده في مقام بيان حكم نفسه . كما لا يبقى مجال لفهم التعدّد منه بالتقريب الذي ذكره الأُستاذ تبعاً للأساطين ، فكيف حمله على التعبّد بعد ذلك ، وبعد ما عرفت من أنّه مقطوع العدم ؟ كما لم يستبعده الأُستاذ - طاب ثراه - ، فاحتياط عدم النقصان عن المثلين يحسن أن يكون لعدم الاطمئنان عادة في حصول الإزالة بالأقلّ ، وأنّ الاطمئنان به كأنّه خارج عن المتعارف ، فالأحوط عدم الاعتناء به لو حصل في مقام ، لأنّه مناف لاستصحاب حكم النجاسة مع كونها مشكوكة الإزالة في المتعارف والعادة فهو وجه الاحتياط لا ما يظنّ بالماتن من أنّه لمراعاة لزوم المثلين تعبّداً . وأمّا احتياطه في التعدّد فالأقوى أنّ التعدّد معتبر فيه كما في غيره من أجزاء البدن عند تلوثه بالبول كما قوّاه الأُستاذ - طاب ثراه - فيما علّقه عليه ، للأصل باعتبار عدم ما يفي بكفاية المرّة هنا ، بل يمكن استفادته من صحيح البزنطي قال : " سألته عن البول يصيب الجسد ، قال ( عليه السلام ) : صب عليه الماء مرّتين فإنّما هو ماء " [1] ، بتقريب ظهور جوابه ( عليه السلام ) في كون التعدّد مفروغاً عنه عنده ، فكأنّه لم يكن محتاجاً إلى السؤال والبيان حيث إنّه ( عليه السلام ) تصدّى لتصحيح ما حكم به - وهو الصبّ - بذكر علّته من أنّه ماء غير محتاج إلى الدلك ، وأعرض عن بيان ذكر الوجه للمرّتين .
[1] الوسائل 1 : 243 ، الباب 26 من أبواب احكام الخلوة ، ح 9 .