الكرّ ) يظهر من عطفه الراكد القليل على المتنجّس بالتغيير اثنينيّة أقسام الماء عنده باعتبار هذا الحكم - وهو الاعتصام وعدمه - في الدافعيّة ، والمصرَّح به في كلمات القوم - ومنهم هو في جواهره - تثليث الأقسام : جار ، وبئر ، ومحقون . والأظهر عندي بملاحظة العصمة دفعاً ورفعاً وعدمها كذلك والاختلاف فيهما هو تربيع الأقسام ، فالمعصوم من الجهتين هو : الجاري ، وماء المطر حال نزوله ، والبئر على الأقوى . وغير المعصوم كذلك هو : الراكد دون الكرّ عند المشهور . والمعصوم رفعاً لا دفعاً : النابع غير الجاري عند بعض ، على تفصيل يأتي . وعكسه الكرّ . وكيف كان : الجاري هو السائل عن مادّة نبعيّة ، فلا يكفي مطلق السيلان ولا مجرّد النبع بدونه ، لعدم مساعدة العرف الذي به يستكشف عن المعنى اللغوي عليه ، ولصحّة السلب عن السائل عن كوز ونحوه ، كعدم الصدق عرفاً على نبع لا جريَ له أبداً . فما عن الشهيد الثاني من تعبيره عن الجاري بالنابع مطلقاً ، لا يُرى له وجه لو أراد بيان المسمّى ، وتصحيحه بالغلبة أو باصطلاح عرف جديد سقيم ، لعدم مدخليَّة الغلبة في التسمية ، ولانتفاء الاصطلاح بما نشاهده من استقرار العُرف على خلافه وعدم إطلاقهم الجاري إلاّ على سائله . وكذا لو أراد إلحاقه به في الحكم ، لأنّه يتمُّ إذا كان اتحاد حكمهما مسلّماً عند الكلّ ، وليس كذلك ، لما عن ظاهر المحقّق من حكمه بعدم تطهير القليل منه بالنبع من تحته ، معلّلا بأنّ النابع ينجس بالملاقاة - وعن كاشف اللثام - جعله أوضح الاحتمالين . وعن المقنعة - كما عن التهذيب - انفعال القليل من الغدير النابع وتطهيره بالنزح وعدم انفعال الكثير منه ، بل عن مفتاح الكرامة أنّه حكى عن المحقّق البهبهاني ( رحمه الله ) : أنَّ النابع الراكد عند الفقهاء في حكم البئر . وإن كان الأشبه بكلماتهم - كما سيأتي - أنَّه بحكم الجاري ، كما صرّح به شيخنا الأُستاذ ، إلاّ أنَّه لا ينفع ذلك في إطلاق الجاري عليه من تلك الجهة ،