ملاقاتهما في التطهير كان ما قوّاه الماتن قوياً ، لما عرفت . وعليه فلو فقد أحد المشتبهين كان مقتضى الاحتياط الغسل بالباقي لخروج النجاسة به عن التيقّن إلى الشكّ ، وهو نوع تخفيف لها ، وهو مطلوب وإن حكم بمقتضى الاستصحاب ببقائها ، ولذا لا يجب الغسل هنا لعدم ترتّب فائدة الطهر عليه . تنبيه : لو اشتبه أحد المشتبهين بثالث جرى عليه حكمهما من ممنوعية استعماله في الوضوء ، لصيرورته بذلك من أطراف الشبهة ، وقد عرفت أنّ وجوب التحرّز عنه هو مقتضى القاعدة من كون المقام مجرى الاحتياط ، كما يظهر من المحكي عن المحقّق التسالم عليه . ويدلّ عليه أيضاً فحوى أدلة المقام من النصّ والاتفاق ، بناءً على ما استفدناه منهما من أنّ وجه المنع هو تنجّز التكليف باجتناب النجس المعلوم وجوده بين المشتبهين ، وتوقّف الخروج عن عهدة امتثاله على اجتناب جميع أطراف الشبهة ، وعن كلّ ما يحتمل انطباق النجس الواقعي عليه . ولا ريب أنّ الثالث - حينئذ - من الأطراف ، وممّا يحتمل كونه هو النجس المعلوم ثبوته هنا . قوله ( قدس سره ) : ( ولو كان الاشتباه في الإطلاق والإضافة جاز رفع الحدث والخبث به مع تكرير العمل بكلّ منهما ) لأنّ المنع عن استعمال المضاف وحرمة التوضي أو الإزالة به ليس ذاتياً حتى يقال بتقدّم مراعاة الحرام - المعلوم هنا بين المشتبهين - على الواجب الذي هو الوضوء والإزالة كما اخترناه في المسألة السابقة ، بل هو منع تشريعي من جهة عدم الأمر بهما مع انحصار الرافع في المضاف . ولا ريب في عدم مزاحمة المنع التشريعي للأمر الأصلي ، فإنّ مع تحقّق الماء المطلق هو مأمور برفع الحدث وإزالة الخبث ، ولا ينافيه إعمال المضاف الموجود في البين لوقوعه لغواً بعد حصول المطلوب بالماء المطلق ، وتشريعيته مرتفعة بالاحتياط ، فيجب عليه إعمالهما معاً في حدثه وخبثه ليحصل العلم بالخروج عن عهدة تكليفه وامتثال أمره ، ومنعنا في المسألة السابقة إنّما هو للتشريع من جهة