وإن اُريد أنّها شرط بحسب قصد المتعاقدين ، فهو ممنوع ، فإنّهما إنّما يشترطان فعلا من أفعالهما ، ولا يخطر ببالهما ملكيّة ذلك الفعل للمشترط على المشترط عليه فضلا عن أن يقصداهما من اللفظ ، مع أنّ اللفظ ليس فيه دلالة على ذلك . نعم حيث يجوز اشتراط الغاية أو فيما قام عليها الدليل قد يتأتّى ذلك ، ولكنّه أقلّ قليل ، واللزوم وإن لم يكن مصرّحاً به بالعبارة إلاّ أنّه من مقتضيات العقد المذكور فيها وأحكامه ، فرجوع الشرط إليه أقرب وأولى من تأويله بالملكيّة . قلت : لا ريب أنّ الظاهر من كلّ من يشترط شيئاً إرادة ملكيّة الشرط لا فعليّته ، وأنّ فعليّته موكولة إلى اختياره ، إن شاء ألزم المشروط عليه بها وإن شاء عفا ، مع أنّ الظاهر من الشرط أنّه شرط لأصل العقد وللانشاء نفسه ولكن خرجنا عن ذلك باعتبار عدم صحّة التعليق في العقود ، فمع تعذّر ذلك يحمل على أنّه للمنشأ الّذي هو الملكيّة والانتقال ، لأنّه بعد تلك المرتبة في الظهور فيكون كما إذا تعذّرت الحقيقة ، فإنّه يحمل على أقرب مجازاتها . وأمّا عوده إلى اللزوم ، فهو بعيد جدّاً ولا يقتضيه ظاهر اللفظ بوجه ، فتأمّل . ثمّ اعلم أنّه لا يفترق الحال فيما ذكرنا بالنسبة إلى الشروط الفاسدة جميعها . والظاهر أنّه لا فرق في فساد العقد باشتراط المحرّم شرعاً كالخمر ونحوه بين العلم بالحكم والجهل به . نعم بالنسبة إلى الجهل بالموضوع - كأن يشترط شيئاً معيّناً بزعم أنّه خلّ فتبيّن أنّه خمر - وجهان : الصحّة ، والبطلان ، وربّما ظهر من الأصحاب الأوّل ، ولا فرق بين ما كان من صفات المبيع كأن يشترط كون العبد مغنيّاً وغيره . واحتمل في إيضاح النافع إلغاء الشرط في كلّ موضع لا يكون فيه غرض عرفاً ولا يقوّم شرعاً . وقال : إنّ التراضي في الحقيقة إنّما هو على المعوّض ، فأفسد فيه الشرط وصحّح العقد ، وهو غير بعيد ، كما يقضي به كلامهم في باب السلف فيما لو شرط أحدهما مكيالا أو صنجة بعينه دون ما سواه وربما يحمل على ذلك إطلاق كلام المشهور .