مضافاً إلى أنّه شرط حرّم حلالا ، إذ ليس الغرض منه إلاّ مجرّد تحريم الحلال ، وما كان كذلك كان باطلا حتّى في مثل النذر وما بحكمه ، إلاّ مع شروطه الخاصّة . وقد يقال : إنّ اشتراط التروك كلّها من هذا القبيل ، لأنّها لا تملك ولا يصالح عليها ، والشرط لابدّ أن يكون مملّكاً لأنّه كجزء من العقد ، وحيث لا ملك فليس فائدته إلاّ مجرّد تحريم الحلال . وفيه نظر ، فإنّ الأغراض بالتروك كثيرة ، إلاّ أن يدّعى قيام الإجماع على كون الشروط مملّكات ، أو يدّعى فهم ذلك من دليلها . قال بعض المحقّقين : إنّ المتبادر من أدلّة الشروط وقولهم ( عليهم السلام ) : « المؤمنون عند شروطهم » ونحوه ، هو ما كان له تعلّق بالعقد ويكون ممّا يؤول نفعه للمتعاقدين ، فإذا لم يتعلّق غرض لأحدهما أو كليهما بالشرط من حيث المنافع الدنيويّة - الّتي هي موضوع تلك العقود غالباً - فينحصر الغرض في إيجاب المباح أو تحريمه مثلا فيخرج من مدلول أدلّة الشروط ، فيثبت بطلانه من هذه الجهة ، فيكون الاستثناء في قوله ( عليه السلام ) : « إلاّ ما حرّم حلالا أو حلّل حراماً » مخصوصاً بالأفراد الّتي لها مدخليّة في غرض المتعاقدين [1] انتهى . وكأنّه يريد أنّ الشرط ليس كالنذر وأخويه يلزم مطلقاً فيما ينعقد به ، بل إنّما يلزم بما يعود غرضه إلى المتعاقدين من الماليّات وما بحكمها ، لأنّ الفرع لا يزيد على الأصل وأصله الّذي هو العقد عقد معاوضة متعلّقة بالماليّات ، فليس المدار عنده على كلّ شيء فيه غرض يعود للمتعاقدين ولو كان نادراً ، بل مختصّ بما يتعلّق بالمال وما بحكمه ، وهذا غير ما كنّا نقول . وقد ينزّل عليه كلام الشيخ في المبسوط [2] ومن تبعه ، وذلك لأنّ دعوى عدم شمول أدلّة الشرط لذلك محلّ منع . وبما ذكرنا يندفع ما يقال : إن أكثر الشروط السائغة المتّفق على جوازها ممّا
[1] رسالة الشروط ، المطبوعة مع غنائم الأيّام ص 732 . [2] راجع المبسوط 2 : 149 .