نام کتاب : شرح تبصرة المتعلمين نویسنده : آقا ضياء العراقي جلد : 1 صفحه : 75
ثم هاجر إلى النجف الأشرف فأدرك بحث السيد محمد الفشاركي وغيره ، فاستفاد من أبحاثهم ، ثم حضر درس الميرزا شيخ الشريعة الأصفهاني في الفقه والأصول والحديث والرجال والحكمة والكلام وغيرها من العلوم الإسلامية . وقد عرف منذ أوائل أمره بالذكاء المفرط والنبوغ المبكر والعبقرية العلمية وسعة المعرفة والاطلاع ، فقد حظي باحترام أساتذته وتقديرهم ، ونظر إليه النابغون من أهل العلم بعين الإكبار وهو بعد في دور التلمذ حيث كان من أجلاّء تلامذة الآخوند الخراساني وكبارهم ، ومن مدرّسي السطوح المعروفين يوم ذاك . اشتغل بالتدريس فالتف حوله كثير من طلاب العلم ، ينهلون من معينه العذب ، وقد أقبل عليه الطلاب إقبالا واضحا لما امتاز به من حسن الإلقاء وعذوبة المنطق ، فقد كان موهوبا في ذلك ، وممتازا بين كثير من المدرسين ، هذا بالإضافة إلى سعة الاطلاع وخصوبة ذهنه وبراعته في التحقيق . واستقل بالتدريس بعد وفاة الآخوند الخراساني في سنة 1329 ه ، وذاع اسمه في الأوساط العلمية العالية ، وقرن بكبار المدرسين وأجلاء العلماء ، وعرف بالتحقيق والتدقيق وأصالة الرأي وكبر العقلية وغزارة المادة والإحاطة بآراء السلف ، وكان مجلس درسه مفضّلا على غيره من نواحي عديدة ولا سيما في علم الأصول الذي اشتهر وتفوّق به ، وقد اعترف له بالعظمة العلمية والموهبة العقلية والملكة النادرة فحول العلماء من معاصريه والمتأخرين عنه . رقى منبر الدرس في النجف الأشرف أكثر من ثلاثين سنة ، وقيل : خمسين سنة [1] ، ولم ينقطع عن التدريس إلى أواخر أيامه ، فكان يركب للوصول إلى مدرسة في مسجد الطوسي ، لضعف مزاجه . وتخرج عليه عدد كبير يعد بالمئات من المجتهدين الأفاضل والعلماء الأكابر وأصحاب الرأي والفتوى ، كل ذلك بفضل عبقريته ونبوغه ونظرياته العلمية