حرمة التوكيل في بيع الخمر ليس للمسلم منع الذمّي المستأجر داره من بيع الخمر فيها سرّاً ولقضاء سيرة المسلمين بجوازه ، إذْ عادتهم المعاملة مع الملوك والأمراء فيما يعلمون صرفه في تقوية الجند والعساكر المساعدين لهم على الظلم والباطل ، وفي إجارة الدور والمساكن والمراكب لهم لذلك ، وبيع المطاعم والمشارب للكفّار في نهار شهر رمضان مع علمهم بأكلهم فيه ، وبيع بساتين العنب مع العلم العادي بجعل بعضه خمراً ، وبيع القرطاس منهم مع العلم بأنّ منه ما يُتّخذ كتب الضلال إلى غير ذلك ، على أنّ العلم اليقيني غير ممكن الحصول إلاّ نادراً ، لأنّ العوارض لا تضبط ولا يعلم الغيب إلاّ الله ، ومن هذا يظهر أنّ فساد المعاملة مقصور على الشرطية ، لأنّ العلّية من طرف المشتري معلومة ، إذْ العلم إنّما يتعلّق بقصده غالباً ، فلو فسد العقد من جانبه فسد من الجانبين . ولا فرق في التحريم بين قصد جهة الحرام منفردة أو منضمّة إلى جهة محلّلة . ونيّة الوكيل المتصرّف مؤثّرة في المنع دون الوكيل على مجرّد إجراء الصيغة ، فإنّ المدار على قصد موكّله . ( و ) يحرم بل يفسد ( التوكيل ) من المسلم الأصيل أو الوكيل ( في بيع الخمر ) وأضرابها من المحرّمات والنجاسات وجميع المعاملات المتعلّقة بها من مسلم أو كافر ( وإنْ كان الوكيل ) بقسميه كافراً ( ذمّياً ) أو حربياً ، إذْ سلطان الوكيل تابع لسلطان موكّله ، الموقوف على الملك ، وعدم الحَجْر . ( وليس للمسلم منع الذمّي المستأجر داره ) أو سفينته أو دابّته - مثلاً - بغير شرط ( من بيع الخمر ) ونحوها من المحرّمات المحلّلة في مذهبه ممّا لا يقدح في شرائط الذمّة ، في الدار ، أو وضعه ( فيها ) أو في سفينته أو على دابّته ( سرّاً ) لا جهراً . ولا بأس على المسلم إذا خلا عن