ذمّ مَن يستحق المدح وأمّا حرمته للذات صدقاً ، أو مع قيام القرينة على المبالغات ; فلم يقم عليه برهان ، ولم يزل يصدر من جميع الأعيان ، ولا سيّما إذا تعلّق به غرض لبعض أهل الرتب الدينيّة ، أو دفع لبعض المظالم عن المظلومين من الرعية ، أو دفع لبعض المفاسد ، إلى غير ذلك من الفوائد . وهذه عادة العلماء مع الأُمراء ، خصوصاً من كانوا من أهل الحقّ ولو أنّهم من شرار الخلق . ومَنْ أخذ جائزة على مدحه مع حرمته ، أو نال فائدة منه ، فقد أخذ الحرام ، ودخل في زمرة أهل الآثام . ( و ) أمّا ما كان ( بالعكس ) فتحريمه بيّن كلّ البيان ، غنيّ عن إقامة البرهان ، إلاّ أنْ يكون لخوف على المذموم من أضداده أو معانديه وحسّاده ، أو على الذام خوفاً من النسبة إلى محبّته فتدعوهم إلى الجدّ في إضراره وأذيّته . وتفصيل الحال بعد الإجمال ; أنّه ينبغي إعطاء كلّ ذي حقّ حقّه ، فمَنْ سلم من أسباب الذمّ فهو ممدوح لا يذمّ ، وبالعكس العكس . ولو كان ذا جهتين كان الإنسان معه ذا حالتين ، قد يمدح ويبالغ ، وقد يذمّ محافظاً على الوجه السائغ . ومَنْ نقل الإجماع في المنع على الإطلاق [1] مردود ، إلاّ أنْ يكون جارياً على هذا المذاق [2] .
[1] وهو الماتن ، في : تذكرة الفقهاء 12 / 144 ، و : منتهى المطلب : 2 / 1013 ط حجرية . [2] قال الشيخ النجفي ، في : جواهر الكلام : 22 / 75 : « فذو الجهتين يستحقّ الأمرين . ودعوى أنّ مستحق الذم يحرم مدحه ، ومستحقّ المدح يحرم ذمّه ، ممنوعة بالسيرة القاطعة وغيرها ، فضلاً عن دعوى الإجماع عليها » .