حكم استثنائه في الأعراس الأمرين أقرب حق يلحقه به [1] . ولعمري إنّ البصير الخبير بأحوال الشرع يعلم أنّ أصل الفساد ورأسه فيما يتعلّق بالعفّة وضدّها من الزنا واللواط ، الباعث عليهما الشهوة الخبيثة والمحرّك لها النظر إلى محاسن الأجنبيات ، وأشدّ منه أصوات المغنّين والمغنّيات ، وسماعها يهيّج الأشواق ، ويحرّك شهوة العشّاق ، ويتعاظم الهمّ بتذكّر الفراق ، ويزداد الشوق إلى حصول التلاق . وما زعمه المتصوّفة من أنّ ما أصابهم من عشق الحضرة القدسية ; زور وافتراء على ربّ البريّة ، وإنّما هو من شدّة الميل إلى الزنا بالنساء الحسان ، واللواط بالمرد من الولدان ، وإلاّ فكيف تقع الجنابة حينئذ منهم كما روى جمع من الثقاة ذلك عنهم . وعلى كلّ حال فالذي يقع في نظري أنّ الغناء في باب الطاعات - كقراءَة القرآن - أعظم من الغناء في غيرها في العصيان ; لزيادة الذنب الفضيع بازدياد معصية التشريع . ( وقد وردت رخصة ) عن الصادق ( عليه السلام ) بطريق صحيح وغيره ( في إباحة أجرها ) بنحو أنّ المغنّيات لا بأس بكسبهن وبأجرهن [2] ، لا نفي
[1] ربّما أراد بذلك ما رواه الكليني عن يونس ، قال : سألت الخراساني ( عليه السلام ) عن الغناء ، وقلت : إنّ العباسي ذكر عنك أنّك ترخّص في الغناء . فقال : كذب الزنديق ، ما هكذا قلت له ، سألني عن الغناء فقلت : إنّ رجلاً أتى أبا جعفر ( عليه السلام ) فسأله عن الغناء ، فقال : يا فلان إذا ميّز الله بين الحق والباطل فأين يكون الغناء ، قال : مع الباطل . فقال : قد حكمت . ورواه الصدوق عن الريّان بن الصلت قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) يوماً بخراسان ، وذكر نحوه . راجع : وسائل الشيعة / كتاب التجارة / الباب ( 99 ) من أبواب ما يكتسب به / الحديث ( 13 ) و ( 14 ) . [2] وسائل الشيعة / كتاب التجارة / الباب ( 15 ) من أبواب ما يكتسب به / الحديث ( 1 ) و ( 2 ) و ( 3 ) .