نام کتاب : زبدة البيان في أحكام القرآن نویسنده : المحقق الأردبيلي جلد : 1 صفحه : 689
وبالجملة لا يخرج عن ظاهر هذه الآية المحكمة إلا بمثلها في الحجية مع زيادة المبالغة بقوله " ويريد الشيطان أن يضلهم " إشارة إلى أن إرادة ذلك إرادة من الشيطان إضلالهم من الحق والهدى والايمان " ضلالا بعيدا " ثم بقوله " و إذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا " بأن هؤلاء منافقون ، وليسوا بمؤمنين حقيقة ، وأنهم إذا أمروا بالعمل إلى ما أنزل الله وإلى الرسول تراهم يعرضون عنه وعن المصير إليه ، وعن العمل بما أمروا من متابعته إلى غيره مما هو موافق لطبعهم ورأيهم . ثم أكد ذلك بقوله " فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاؤوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا " أي فكيف صنع هؤلاء إذا نالتهم نكبة و عقوبة من الموت وغيره ، بسبب ما فعلوا من التحاكم إلى الطاغوت ، والنفاق وعدم الرضا بحكم النبي بينهم بالحق ، ثم جاؤوا النبي يعتذرون إليه ويقسمون بالله أنهم ما أرادوا بالتحاكم إلى الطاغوت إلا إحسانا إلى النبي وهو التخفيف عنه ، وعدم تصديعه برفع الصوت والخصومة عنده وإلا توفيقا بين الخصمين بالتماس واسطة يصلح بيننا دون الأخذ بالحكم المر الحق . " أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم " من النفاق وعند ذلك " فأعرض عنهم " ولا تعاقبهم بذلك النفاق والكذب بعد التحاكم " وعظهم " خوفهم من العقوبات وعده هم بالثواب إن رجعوا وتابوا " وقل لهم في أنفسهم " خاليا بهم أو مؤثرا في أنفسهم إن لم تعودوا تصبكم من المصائب أكثر وأعظم " قولا بليغا " ملائما موافقا للمطلوب ، يبلغ إلى أنفسهم ويؤثر فيها . وفيها دلالة على نزول المصائب بالذنوب ، والحث على استعمال حسن الخلق والملايمة ، وعدم الخشونة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولو كان الفاعل كافرا مثل قوله لموسى وهارون " وقولا له " أي لفرعون " قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى " فيفهم كمال المبالغة في استعمال حسن الخلق وعدم الغلظة والغضب ، ثم أشار فيما بعدها إلى أن الله تعالى ما يرسل رسولا إلا ليطاع لا ليعصى ، ومع العصيان
689
نام کتاب : زبدة البيان في أحكام القرآن نویسنده : المحقق الأردبيلي جلد : 1 صفحه : 689