نام کتاب : زبدة البيان في أحكام القرآن نویسنده : المحقق الأردبيلي جلد : 1 صفحه : 572
كأنه لقطع الطمع في أنهم يرحمون ولا يعذبون أهل العذاب ، وقتا ما ، أو أنهم وصفهم بأنهم ما عصوا ربهم فيما مضى وما استقبل ، وفي هذه الآية توبيخ عظيم وزجر كثير لمن يترك طاعة الله ويعصيه ، ولو بترك أهله . فدلت على وجوب أمر الأهل ونهيه لسائر العبادات وعن المعاصي كما يدل عليه وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلقا ، فكأن بالنسبة إلى الأهل زيادة اعتناء ، فدلت على وجوب تعليمهم الواجب والمحرم ، وأمرهم بالفعل ونهيهم عن الترك . ثم أشار بعدم قبول العذر في القيامة بقوله " لا تعتذروا اليوم " وهو ظاهر ، و أشار إلى وجوب التوبة والعذر في الدنيا بقوله " يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم " الآية [1] توبة نصوحا بالغا في النصح ، وهو صفة للتائب ، فإنه ينصح نفسه ، وصف به التوبة للمبالغة ، و تذكيره لكونه فعولا بمعنى الفاعل عن ابن عباس قال : قال معاذ بن جبل : قلت يا رسول الله ما التوبة النصوح ؟ قال أن يتوب التائب ثم لا يرجع كما لا يعود اللبن إلى الضرع ، قال ابن مسعود : التوبة النصوح هي التي تكفر كل سيئة وهو في القرآن ثم تلا هذه الآية ، وقيل إن التوبة النصوح هي التي يناصح الانسان فيها نفسه باخلاص الندم ، مع العزم على أن لا يعود إلى مثله في القبح ، وقيل : هي أن يكون العبد نادما على ما مضى مجمعا على أن لا يعود فيه ، وقيل ، هي الصادقة وقيل هي أن يستغفر باللسان ويندم بالقلب ويمسك بالبدن ، وقيل : هي : المقبولة ولم تقبل ما لم يكن فيها ثلاث : خوف أن لا يقبل ورجاء أن يقبل وإدمان الطاعة وقيل هي أن يكون الذنب نصب عينيه ، ولا يزال كأنه ينظر إليه ، وقيل هي من النصح بمعنى الخياطة لأن العصيان يمزق الدين والتوبة ترقعه ، وقيل : لأنها جمعت بينه وبين أولياء الله كما جمع الخياط الثوب وألصق بعضه ببعض ، وقيل : لأنها أحكمت طاعته وأوثقها كما أحكم الخياط الثوب وأوثقه .