نام کتاب : زبدة البيان في أحكام القرآن نویسنده : المحقق الأردبيلي جلد : 1 صفحه : 376
ولقد بالغ الله سبحانه وتعالى في التوصية لهما ، حيث افتتحها بأن وشفع الاحسان إليهما بتوحيده ونظمهما في سلك القضاء بهما معا ، ثم ضيق الأمر في مراعاتهما ، حتى لم يرخص في أدنى كلمة تنفلت من المتضجر مع موجبات الضجرة ومقتضياته ومع أحوال لا يكاد يدخل صبر الانسان معها في الاستطاعة ، ثم زاد و نهى عن منافيهما أيضا مرة أخرى وقال : " ولا تنهرهما " أي لا تزجر عما يتعاطيانه مما لا يعجبك ثم قال : " وقل لهما " بدل النهر والتأفيف " قولا كريما " جميلا يقتضيه حسن الأدب والنزول على المروة ، وقيل هو أن يقول يا أبتاه ويا أماه كما قال إبراهيم على نبينا وآله وعليه السلام لأبيه " يا أبت " مع كفره ولا يدعوهما بأسمائهما فإنه من الجفاء وسوء الأدب وعادة الدعاء كله من الكشاف . ثم أمر بالخضوع والتذلل بقوله " واخفض لهما جناح الذل " وهو كناية عن غاية الملاءمة وانحطاط النفس ، فأضيف الجناح إلى الذل كما أضيف حاتم إلى الجود على معنى : واخفض لهما جناحك الذليل ، أو الذلول ، ويحتمل أن يجعل لذله جناحا خفيضا كما جعل للشمال يدا وللقرة زماما ، مبالغة في التذلل والتواضع لهما ، قال في مجمع البيان : وإذا وصف العرب إنسانا بالسهولة وترك الآباء قالوا هو خافض الجناح ، وقال أبو عبد الله عليه السلام : معناه لا تمل عينيك من النظر إليهما إلا برحمة ورأفة ، ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما ولا يدك فوق أيديهما ولا تقدم قدامهما " من الرحمة " من فرط رحمتك لهما ، وعطفك عليهما لكبرهما و افتقارهما اليوم إلى من كان أفقر خلق الله إليهما بالأمس ثم قال : ولا يكتف بالخضوع والرحمة لهما إذ لا بقاء لهما ، وليس لها زيادة نفع ، بل ادع لهما واطلب من الله رحمته لهما ، بأن يرحمهما برحمته الباقية ، واجعل ذلك جزاء لرحمتهما عليك في صغرك وتربيتهما لك . " ربكم أعلم بما في نفوسكم " في ضمائركم من قصد البر إلى الوالدين و اعتقاد ما يجب لهما من التوقير " إن تكونوا صالحين " قاصدين الصلاح والبر ، ثم " فرطت منكم في حال الغضب وضيق الصدر وغير ذلك مما لا يخلو منه البشر خصلة
376
نام کتاب : زبدة البيان في أحكام القرآن نویسنده : المحقق الأردبيلي جلد : 1 صفحه : 376