ردا على المجبرة القائلة بعدم العلة وقوله « لطيف لما شئت » أي أقول إنك تفعل الأفعال المقربة لعبادك إلى طاعتك المبعدة إياهم عن معصيتك ، وجوبا في البعض وتفضلا في الآخر ، من إرسال الرسل وإنزال الكتب والتكاليف وغيرها من الألطاف الخاصة . « لم تخلق عبادك لفاقة » رد لشبهتهم أنه [1] ، لو كان معللا بالغرض لزم النقص ، والاستكمال ، بأنه [2] لا يرجع الكمال إليه تعالى بل إلينا ، وقوله « ولا كلفتهم إلا دون الطاقة » رد على الأشعرية القائلة بجواز تكليف ما لا يطاق بل بوقوعه ، بناء على عدم قدرة العبد مع تكليفه تعالى بالأوامر والنواهي ، بل قال إنه تعالى لم يكلف إلا أقل من الطاقة بكثير ، فإنه مع قدرته على صلاة ألف ركعة بل أكثر في كل يوم وليلة كلفه بسبع عشرة ركعة وكذا في باقي العبادات والنواهي وقوله « وإنك ابتدأتهم إلخ » أي أقول : إن خلق العالم سيما الإنسان نشأ من محض رحمة وجوده تعالى كما قال تعالى : ( الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ ) [3] وقوله « وعرضتهم إلخ » يعني أن الحكمة اقتضت تعريضهم لاستحقاق الرحمة والثواب ، فإنه النفع المقارن للتعظيم والإجلال ويقبح بدون الاستحقاق بسبب الأعمال . ولما لم يمكن التكليف إلا بإكمال الآلات وأعظمها العقل بل هو المخاطب والمعاتب والمثاب المعاقب قال « فأكملت لكل مكلف عقله » وهذا الإكمال هو التكليفي الذي يحصل غالبا قبل البلوغ بالتدريج « وأوضحت له سبيله » الخير والشر كما قال تعالى « وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ » [4] ولما كان العقل غير مستقل في جميع الأمور وإن عرف بعض