نام کتاب : روض الجنان في شرح ارشاد الأذهان ( ط.ج ) نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 38
( فأجبت ) جواب « لمّا » أي : كان ما تقدّم سبباً لإجابة ( مطلوبه ) وفي جَعل المجاب هو المطلوب ضرب من التعظيم للمجاب . ( وصنّفت هذا الكتاب ) و « هذا » إشارة إلى المدوّن في الخارج ، ويناسبه قوله : « فأجبت وصنّفت » فتكون الديباجة بعد التصنيف ، أو إلى المرتّب الحاضر في الذهن . والإتيان بصيغة الماضي تفؤّلاً بلفظه على أنّه من الأُمور الحاصلة التي من حقّها أن يخبر عنها بأفعال ماضية ، أو لإظهار الحرص على وقوعه لأنّ الإنسان إذا عظمت رغبته في شيء كثر تصوّره إيّاه ، فيورده بلفظ الماضي تخييلاً لحصوله . ومن هذا القبيل الدعاء بلفظ الماضي مع أنّه من قبيل الإنشاء ، كما هو مقرّر في المعاني . والتحقيق أنّه إشارة إلى المرتب الحاضر في الذهن ، سواء كان وضع الديباجة قبل التصنيف أم بعده إذ لا حضور للألفاظ المرتّبة ولا لمعانيها في الخارج . وتوضيح ذلك أنّ الكتاب المؤلَّف لا يخلو إمّا أن يكون عبارةً عن الألفاظ المعيّنة أي العبارات التي من شأنها أن يلفظ بها الدالَّة على المعاني المخصوصة ، وهو الظاهر ، وإمّا عن النقوش الدالَّة عليها بتوسّط تلك الألفاظ ، وإمّا عن المعاني المخصوصة من حيث إنّها مدلولة لتلك العبارات أو النقوش ، فهذه ثلاثة احتمالات بسيطة وتتركَّب منها ثلاثة أُخرى [1] ثنائيّة ، ورابع ثلاثي ، فالاحتمالات سبعة . وأنت خبير بأنّه لا حضور في الخارج للألفاظ المرتّبة ولا لمعانيها ولا لما يتركَّب منهما ولا لما يتركَّب من النقوش معهما أو مع أحدهما ، وهذا كلَّه واضح . وأمّا النقوش الدالَّة على الألفاظ فيحتمل أن يشار إليها بذلك . لكن فيه أنّ الحاضر من المنقوش لا يكون إلا شخصاً ، ولا ريب في أنّه ليس المراد تسمية ذلك الشخص باسم الكتاب ، بل تسمية نوعه ، وهو النقش الكتابي الدالّ على تلك الألفاظ المخصوصة بإزاء المعاني المخصوصة أعمّ من أن يكون ذلك الشخص أو غيره ممّا يشاركه في ذلك المفهوم ، ولا حضور لذلك الكلَّي في الخارج ، فالإشارة إلى الحاضر المرتّب في الذهن أصوب على جميع التقديرات ، فكأنّه نزّل العبارات الذهنيّة التي أراد كتابتها منزلة الشخص المشاهد المحسوس ، فاستعمل لفظ « هذا » الموضوع لكلّ مشار إليه محسوس .