نام کتاب : رسائل فقهية نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 53
التوبة عنها . وبه يظهر الجواب عن دعوى تكفير الصغائر باجتناب الكبائر ، غاية الأمر تسليم سقوط وجوب التوبة إذا اجتنب الكبائر قربة إلى الله تعالى بعد ارتكاب الصغائر أو عمل بعض الطاعات المكفرة : لكن التوبة أسبق من الكل ، لأنها تحقق في زمان متصل بالمعصية لا يمكن فيه تحقق غيرها غالبا ، والمفروض أن القائلين بانقسام المعاصي لم يقولوا بتحقق الاصرار الموجب للفسق بصدور الصغيرة وإن لم يتب عنها ، ولم يمتثل اجتناب الكبائر - بل تركها ، لعدم التمكن عنها - ولم يعمل طاعة مكفرة . والحاصل : أن عدم وجوب التوبة إما لعدم الدليل عليه وعدم المقتضي لها - وإن بقي الذنب غير مكفر - وإما غيرها قد يقوم مقامها في التفكير . والأول مردود بعموم الأدلة ، كما سيجئ [1] والثاني - مع أنه خلاف إطلاق الشارع من عدم كون الصغيرة مفضية إلى الكبيرة وإن لم يتب عنها ولم يعمل مكفرا آخر - لا ينافي وجوب التوبة ما لم يكفر الذنب بمكفر آخر غيرها ، ولا يجوز أن يكون الوجوب تخييريا بين التوبة واجتناب الكبائر والأعمال المفكرة ، كما لا يخفى . فالتحقيق في الجواب : دعوى كون وجوب التوبة وجوبا عقليا محضا ، بمعنى كونه للارشاد ، وإن أمر بها الشارع أيضا في الكتاب والسنة ، لكن أوامرها إرشادية لرفع مفسدة المعصية السابقة ، ولا يترتب على تركها عقاب آخر . وبعبارة أخرى : إنما وجبت التوبة للتخلص عن المعصية السابقة ، ووجوب التخلص عن المعصية ليس واجبا شرعيا يترتب على تركه ( 1 ) عقاب آخر غير العقاب الذي لم يتخلص منه ، فهي من قبيل معالجة المريض التي أمر