نام کتاب : رسائل فقهية نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 140
حتى يكون الداعي للمكلف على فعله هو هذا الاستحباب القطعي الذي ثبت من أدلة التسامح . فالقائل بالتسامح يقول : إذا ورد رواية ضعيفة في استحباب وضوء الحائض - مثلا - فلها أن تتوضأ بقصد القربة المحققة المجزوم بها ، لا أن لها أن تتوضأ لاحتمال كون الوضوء مقربا في حقها ومطلوبا منها . ولا يخفى أن نية القربة على وجه الجزم يتوقف على تحقق الأمر ، والمفروض عدم تحققه . وأما الأمر العقلي بحسن الاحتياط وحكمه باستحقاق فاعله الثواب وإن لم يصادف فعله المحبوبية ، بل التسوية في الثواب بينه وبين من صادف - بناء على أن الفرق بينهما مخالف لقواعد العدلية - فهو إنما يرد على موضوع الاحتياط الذي لا يتحقق إلا بعد كون الداعي على الاقدام هو احتمال المحبوبية والثواب . لا مجرد فعل محتمل المحبوبية ، فلا يمكن أن يكون نفس هذا الأمر العقلي القطعي داعيا على الاقدام المذكور . ومنه يظهر أنه لو فرض ورود الأمر الشرعي على هذا الفعل مطابقا لحكم العقل ومؤكدا له ، فلا يعقل أن يصير داعيا [ إلى الفعل ، بل الداعي هو الاحتمال المذكور ، وهو الذي يدعو إلى الفعل لو أغمض الفاعل عن ثبوت حسنه والأمر به واستحقاق الثواب المنجز عليه عقلا وشرعا . وأيضا فإن حكم العقل باستحقاق هذا الفاعل الثواب ثابت ولو في صورة فرض عدم التفات الفاعل إلى ورود الأمر الشرعي . حكم العقل بحسن الاحتياط منشأ لاستحقاق الثواب فتبين أن الأمر الشرعي الوارد على فعل الاحتياط من حيث هو احتياط ليس داعيا ] [1] للفاعل إلى الاحتياط ولا منشأ لاستحقاق الثواب . والسر فيه : أن الاحتياط في الحقيقة راجع إلى ضرب من الإطاعة ، فهي