نام کتاب : رسائل الكركي نویسنده : المحقق الكركي جلد : 1 صفحه : 150
لأنه حينئذ لا يكون خاصا ، والعام غير متوقف على نصبهم ، لما عرفت من أن الإمام قد نصب نائبا على وجه العموم بقوله عليه السلام : " فإنه قد جعلته عليكم حاكما " ، وهذا لا يختلف فيه عصره وعصرنا . ويظهر من قول زرارة رحمه الله : حثنا أبو عبد الله عليه السلام ، ومن قول الباقر عليه السلام لعبد الملك : " مثلك يهلك ولم يصل فريضة فرضها الله تعالى ! " أن ذلك ليس على طريق الوجوب الحتمي العيني ، وإن كان قوله عليه السلام : " فريضة فرضها الله تعالى " يدل على الوجوب في الجملة ، وما ذاك إلا لأن زمانه وزمان الغيبة لا يختلفان ، لاشتراكهما في المنع من التصرف وتنفيذ الأحكام الذي هو المطلوب الأقصى من الإمام ، ولولا ذلك لم يكن نصبه للحاكم حينئذ متناولا لعصرنا وما قبله وما بعده ، وأي فرق بين الحكمين حتى يجعل أحدهما مقصورا على عصره عليه السلام والآخر عاما في كل زمان ؟ وعند التأمل الصادق لهذين الحديثين تتضح دلالتهما على مشروعية فعل الجمعة وإن لم تجب حتما ، إذ لو كان الوجوب حتما لكان حقه أن يأمر ويزجر وينكر على التاركين كمال الانكار . والعجب أن الأصحاب لم يقصروا نصب الحاكم على الوجه الذي عرفته على من سمع ذلك في زمنهم عليهم السلام ، واعترضوا بعمومه لكل زمان ، وهنا اختلفوا وصار بعضهم إلى تجويز قصر الإذن على أهل عصرهم عليهم السلام ! واعترض رحمه الله على الحديثين الآخرين بأنهما مطلقان ، والمطلق محول على المقيد [1] . وجوابه : القول بالموجب ، فإنهما مقيدان بوجود الإمام أو من يقوم مقامه ، فيدلان حينئذ على مطلق وجوب الجمعة مع الشرائط المذكورة وإن تحتمت مع ظهوره عليه السلام ، لما عرفت سابقا من انتفاء الوجوب الحتمي حال الغيبة بإجماعنا .