نام کتاب : رسائل الشهيد الثاني ( ط.ج ) نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 396
فإنْ كنت راغباً في قبول زيارتك فَابْرُزْ إليه مِن جميع مَعاصيك ، واقْطَعْ علاقةَ قلبك عن الالتفات إلى ما وراءك ، لِتَتَوَجّه إليه بوجه قلبِك كما أنت متوجّه إلى بيته بوجهِ ظاهرك . وليَذْكُرْ عندَ قطعه العلائِقَ لسفر الحجّ قطعَ العلائِقِ لِسفر الآخرةِ فإنّ كلّ هذه أمثلة قريبة يَتَرقّى منها إلى إسرارها . وأمّا الزادُ فليَطْلُبْه مِن موضعٍ حلال ، فإذا أحسّ مِنْ نفسه بالحِرْص على استكثارِه وطِيبِه وطَلَبِ ما يَبْقى منه على طولِ السفر ، وأنْ لا يَنْفَدَ قبل بلوغِ المَقْصد فليَذْكُرْ أنّ سفرَ الآخرة أطولُ مِن هذا السفر ، وأنّ زاده التقوى ، وما عداه لا يصلُحُ زاداً ولْيَحْذَرْ أنْ يُفْسِدَ أعمالَه التي هي زاد الآخرة بشوائب الرياء وكدورات التقصير ، فيَدْخُلَ في قولِه تعالى : « قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً » . [1] ويلاحِظُ عندَ سفره نَقْلَتَه إلى منازِلِ الآخرة التي لا شكّ فيها ، ولعلَّه أقربُ من سفره هذا ، فيَحْتاط في أمره ، وليَعْلَمْ أنّ هذه أمثلة محسوسة يَتَرقّى منها إلى مراكبِ النَّجاةِ مِن عذاب الله تعالى . وأمّا الخروجُ من البلد فلْيَسْتَحْضِرْ عندَه أنّه يُفارِقُ الأهلَ والولدَ متوجّهاً إلى الله سبحانه في سفرٍ غيرِ أسفار الدنيا ، وأنّه متوجّه إلى مَلِك الملوك وجبّارِ الجبابرةِ في جملة الزائرين الذين نُودوا فأجابوا ، وشُوّقوا فاشتاقوا ، وقَطَعوا العلائقَ ، وفارَقوا الخلائقَ ، وأقبلوا على بيت الله تعالى طلباً لرضا الله تعالى وطمعاً في النظر إلى وجهه الكريم . ولْيُحْضِرْ أيضاً قلبَه لِلوصُولِ إلى المَلِك والقبول له بِسعَةِ فضله ، ولْيَعْتَقِدْ أنّه إنْ مات قبلَ الوصول إليه لَقِي اللهَ تعالى وافِداً عليه