الاستدلالَ على مُعْتَقَدِهم وما يَدِينونَ به ويَقْتَدون بسَلَفِهِم وآبائِهم ، بآياتٍ كثيرةٍ شهيرةٍ كقوله تعالى حكايةً عنهم : « إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ » [1] . وقال عنهم على جِهة الاستفهام التوبيخي : « أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا » [2] : « وقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا » [3] . وقال سبحانه في طلب أخذ الدِّين بالدليل المتين : « قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ » [4] إلى غير ذلك من نظائر هذه الآيات . فكما يجب علينا وعليكم أنْ نأخذَ أصلَ الدين حتّى نتميّزَ عن سائرِ المِلَلِ والنحَلِ والآراءِ الفاسدةِ بِبرهانٍ يجوز المصيرُ إليه ، كذلك يجب أنْ نأخذَ ما نَحكم بوجوبِهِ وندبِهِ وتحريمِهِ وتحليلِهِ وصحّتِهِ وفَسادِهِ بطريقٍ يُعْتَمَدُ عليهِ ، ويَسوغُ لِمِثلِنا الأخذُ بهِ والعملُ عليهِ ، فيكون حجّةً لنا على الله سبحانَهُ إذا وَقَفْنا بين يديه لِنَسْلَمَ مِنْ وعيدِهِ تبارك وتعالى في قوله : « ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ الله فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ » [5] و [ . . ] : « الْفاسِقُونَ » [6] و [ . . ] : « الظَّالِمُونَ » [7] ، ومن تهديدِهِ في قوله جلّ جلاله : « قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ الله لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وحَلالًا قُلْ آلله أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى الله تَفْتَرُونَ » [8] . إذ مقتضى هذه القسمةِ أنّ مَن لم يعلم الإذنَ فهو مُفْتَرٍ [9] ، فيجب عليكم إقامةُ الحجّة على الله سبحانه وبيانُ العذر لَدَيه . وتوضيحُ الإذنِ الذي به صِرْتُم إلى العمل
[1] الزخرف ( 43 ) : 23 . [2] هود ( 11 ) : 87 . [3] الأحزاب ( 33 ) : 67 . [4] البقرة ( 2 ) : 111 النمل ( 27 ) : 64 . [5] المائدة ( 5 ) : 44 . [6] المائدة ( 5 ) : 47 . [7] المائدة ( 5 ) : 45 . [8] يونس ( 10 ) : 59 . [9] انظر « منية المريد » ص 279 - 287 .