نام کتاب : رسائل الشهيد الثاني ( ط.ج ) نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 11
منهم من صَدّقَ النبيّ صلَّى الله عليه وآله وآمَنَ به بمجرّد صحبته وسَماع كلامه وحُسنِ إفادته ومشاهَدَةِ أخلاقه . ومنهم مَنْ آمن به بعد مشاهدةِ مُعجزةٍ واحدةٍ مرّةً واحدة . ومنهم من لم يُؤْمِنْ به إلا بعد مشاهَدَة المعجزاتِ . ومنهم مَنْ لم يَكْتَفِ بالمعجزة ، بل استشارَ أصحابَه في إيمانه وتصديقه . وظاهر أنّ هذا التفاوت بينهم ليس إلا لاختلافهم بحسب الأمزِجة والاستعدادات . وبعد هذا التفصيل والإحاطة ، لا يخفى عليك أنّ توجيهَ التكليفِ المذكورِ نحوَ عامّة المكلَّفين ممّا يَسْتَبْعِده العقلُ ، ولا يُساعِدُه النقلُ لأنّه كالتكليف بما لا يُطاق بالنسبة إلى بعض الفِرَق المذكورة . وأقلّ ما يلزم من ذلك العُسْرُ والحَرَج الذي هو منتفٍ بالآية [1] . وأيّ حَرَجٍ أعظمُ من تكليفِ ضعيف الفهم ، عديمِ الذَّكاء ، بَعيدِ الفِطانة ، كثيرِ النسيان ، ضعيفِ الحافظة ، بالمطالب التي يُحتاجُ في تحصيلها إلى إمْعانِ النظر في تحصيل الملكة التي يُتَمَكَّنُ بها من استخراج الفروع من مآخذها . ولا ريبَ أنّ ما نحن فيه من هذا القبيل لأنّ الاجتهاد من المطالب الدقيقة التي لا يَنالُها إلا مَنْ هو ذو حَظَّ عظيم ، ولا يَصِلُ إليها إلا كلّ ذَكيّ فهيمٍ . قال شارح التهذيب : من شرائط الاجتهاد أنْ يكونَ له قوّةُ استخراج المسائل الفرعيّة من المسائل الأُصولية أعني المستفادة من النصوص من الكتاب والسنّة بأنْ يكونَ فَطِناً ذَكِيّاً حَسَنَ الإدراك [2] . انتهى كلامه . وهو صريح فيما ذكرناه ، فيكون توجيهُ هذا التكليف أعني الاجتهادَ إلى بعض الفرق كالتكليف بما لا يُطاق عقلًا ونقلًا .