فإمّا أن نعمل بعمومه فنطرد الحكم بوجوب الجهر على الإمام قرأ أم سبّح ، بل وفي جميع أذكار الصلاة ، أو نعمل بعموم تلك الأدلَّة وإطلاقاتها فنوجب الإخفات عليه قرأ أم سبّح . فإن قلنا : خرج ما سوى ذكر الأخيرتين وثالثة المغرب قراءة وتسبيحاً بدليل . قلنا : إمّا أن نطرح تلك الأخبار والأدلَّة ونعمل بهذا الموثّق قراءة وتسبيحاً ، أو نعمل بتلك الأدلَّة ونطرح هذا الموثّق قراءة وتسبيحاً . أمّا تخصيص تلك الأدلَّة بالقراءة ، والموثّق بالتسبيح فحكم بلا دليل وجمع عليل ، وأيّ عليل ؟ خصوصاً إذا قلنا بأن الجهر للإمام على سبيل الوجوب بمجرّد هذا الخبر الضعيف . هذا كلَّه مضافاً إلى أن الفقهاء قديماً وحديثاً إنما فهموا منه استحباب جهر الإمام بذكر الركوع والسجود والتشهّد وسائر الأذكار المستحبّة غير الستّ الافتتاحيات والتعوّذ وإخفات المأموم بذلك ، ولم يفهم منه أحد شمول التسبيح في الأخيرتين والثالثة ، ولا اختصاصه بذلك قبل أبناء الشيخ أحمد الدرازي على ما يشهد به التتبع ، وهم أصحاب النفوس القدسيّة ورؤساء الفرقة . ويجب على الباحث عن أحكام الشريعة إذا فهم من حديث معنًى أن يعرض فهمه على فهوم العلماء ورؤساء المذهب ، فإن وافق فهمه فهومهم حمد الله ، وإن خالف فهمه فهو مهم اتّهم نفسه واشتغل بإصلاح وجدانه ، ويستفرغ وسعه في الطلب والبحث ، ويجتهد في الدعاء والاستغفار ، ويسلك في سيره من الطريق التي نهجها له الشارع ، فحينئذ لا بدّ أن يهديه الله السبيل كما وعد ، ولا يبادر إلى تخطئة الوسائط والحكَّام ، بل يقف وهو طالب باحث حتّى يأتيه الجواب من صاحب الأمر ، فإنه عليه الهداية لمستحقّها ، فإن زاد المؤمنون ردّهم ، وإن نقصوا أتمّه . وبالجملة ، فلا دليل على تخصيص الموثّق بالتسبيح ، فما ذكروه بعمومه مدفوع بالنصوص المستفيضة والإجماعات المستفيضة في سائر الأذكار ، ولا على