يبيّن المراد منهما مع تباين الحقيقتين ؛ لأن أحدهما غير مراد البتّة . والتكليف قبل البيان محال ، فظهر بطلان قوله بأن يقين البراءة إنما يحصل بالجهر به ؛ لأنه ربّما كان المراد الندب ، فاعتقاد أنه واجب والإفتاء به حينئذٍ مع قيام الاحتمال وإجمال المقال ربّما أدّى إلى الإدخال في الشريعة ما ليس منها . وبالجملة ، إذا قيل : إنه حقيقة في الوجوب والندب وجب أن يردف بقرينة تعيّن المراد ، ومتى سلَّمنا أنه أطلق في مقام بلا قرينة تُعيّن المراد وجب القول بأنه ليس له إلَّا حقيقة واحدة يجب صرفه إليها مع الإطلاق ، وإلَّا لزم القول بوقوع التكليف قبل البيان ، وهو محال لما يلزمه من التكليف بالمحال . وإن التزمنا إردافه بقرينة لزم أنه مجاز ، وأنه لا يستعمل إلَّا مجازاً ، والشيخ حسين قد سلَّم أنه في هذا الموثّق مستعمَل بلا قرينة تُعيّن أحد الأمرين ، فيلزمه أنه ليس حقيقة إلَّا في أحدهما ، فأمّا أن يعرف موضوعه فيجب صرفه إليه وإن كان المفروض مستحيلًا لوجوب البيان ، وإلَّا وجب صرفه إلى الاستحباب ؛ لأنه القدر المتيقّن . ولو سلَّمنا أنه حقيقة في الوجوب كما ذهب إليه الشيخ محمّد أبو الشيخ حسين : ، وعدّى الحكم بوجوب الجهر على الإمام في جميع أذكار الصلاة ، عملًا بهذا الموثّق عدا الستّ الافتتاحيات ففيه بعد المنع بما سمعت أنه يعارض أيّ خبر من الأخبار المتقدّمة ، خصوصاً المرسل [ الذي [1] ] اشتهرت روايته والعمل به بين الفرقة اشتهار الشمس في رابعة النهار ، وقد أُمرنا بالعمل بما اشتهر . [ والإجماع [2] ] المنقول في كلام جمع حتّى كاد أن يستفيض على وجوب الإخفات [3] بالأخيرتين وثالثة العشاء مطلقاً . [ و [4] ] الإجماع المحقّق في سائر الأزمان والأصقاع على عدم وجوب الجهر في ذلك مطلقاً ، حتّى كاد أن يكون ضرورياً بين المسلمين قديماً وحديثاً . ولو أعرضنا عن ذلك كلَّه فهذا الخبر عامّ .
[1] في المخطوط : ( التي ) . [2] في المخطوط : ( أم إجماع ) . [3] شبه الجملة خبر للمبتدإ : ( والإجماع ) . [4] في المخطوط : ( أم ) .