وخواصّه ، وكانت مشابهتها للنهار وامتزاجها به وقبولها لفاضل نور النهار والشمس غالبة كثيرة ؛ لأنها مقدّمة النهار ، والنهار قد استقبلها واستقبلته ، فهي كالمقدّمة للنهار . وبهذا يحصل الفرق بينها وبين ساعة الشفق المغربيّة ؛ فإنّها قد استدبرت النهار واستدبرها ، واستقبلت الليل واستقبلها . فالساعة الفجريّة تشبه ولوج الروح في الجنين في بطن امّه ، والمغربيّة تشبه وقت السياق وخروج الروح . والفجريّة أشبه بزمن الربيع وخروج الأزهار وبهجة الأنوار واعتدال الهواء من المغربيّة ، والمغربية أشبه بزمن الخريف وذبول الأشجار وانقضاء الأثمار من الفجريّة . والفجريّة أشبه بزمن خروج القائم : عجّل الله فرجه واستقبال بيان مزايلة الحقّ للباطل ، وطلوع شمس الدولة الغرّاء واستبانة الحقّ الَّذي لا يشوبه شكّ [1] من الساعة المغربيّة ، والمغربيّة أشبه بزمن ما بين رفع الحجّتين من الأرض وبين نفخة الصعق ، وبزمن موت النبيّ صلى الله عليه وآله : وغياب شمس الرسالة والهداية والجلالة من الفجريّة . والفجريّة أشبه بالرتبة البرزخيّة بعد الموت بالنسبة للمؤمن من المغربيّة ، والمغربيّة أشبه بها بالنسبة للكافر من الفجريّة . والفجريّة أشبه بمبادئ الغنى والحياة والنموّ من المغربيّة ، والمغربيّة أشبه بأضداد ذلك . وبالجملة ، لمّا كانت الفجريّة مقدّمة النهار ومفتاحه ، وفيها ابتداء انكشاف ظلمة الليل ووحشته ، قوي شبهها بالنهار ، وحسن التجوّز بإطلاق النهار عليها . ولأنها اتّصفت ببعض مزاياه وخواصّه أيضاً أُلحقت به ، بخلاف المغربيّة فإنّها مقدّمة الغربة ، وفقدان النور ، وتعطَّل جلّ الأُمور ؛ فلذا لم يرد فيها أنها من النهار ، ولا قال به أحد من أهل الإسلام إلَّا شذّاذ من براهمة الهند [2] . والظاهر انقراض القائل به .
[1] في « ق » مكانها بياض بمقدارها . [2] في « ق » : ( المفيد ) .