السنة على الإطلاق متساوية الأزمان في جميع البلاد ، كلّ فصل ثلاثة أشهر . والذي أرى أن فصول السنة عند المنجّمين غير فصولها عند أهل الفلاحة ، فإن المنجّمين يراعون في فصول السنة قطع الشمس لأرباع الفلك ، فزمان الربيع عندهم هو الذي تقطع فيه الشمس الحمل والثور والجوزاء ، والصيف هو الذي تقطع فيه الشمس السرطان والأسد والسنبلة ، والخريف هو الذي تقطع فيه الميزان والعقرب والقوس ، والشتاء هو الذي تقطع فيه الجدي والدلو والحوت . وأمّا فصول السنة عند أهل الفلاحة فغير ما قدّمناه ، فإنهم يراعون في فصولها أحوال النبات : فزمان الربيع عندهم هو الزمان الذي تكثر فيه حركة الحيوان ونشاطه وشبقه ، ويفصح فيه الطير ، وتورق الأشجار وتزهر ، ويعقد الثمر . وأوّل هذا الفصل ليس واحداً في جميع البلاد ، فإن أوّله في بعض البلاد في أوّل شباط ، وفي بعضها في وسطه وفي بعضها في أواخره . وفي بعضها في أوائل نيسان ، وفي بعضها في أواسطه أو أواخره . وفي بعض البلاد في أوائل آذار ، وفي بعضها في أواسطه ، وفي بعضها في أواخره . وقد يكون في بعض البلاد أوّل الربيع عند هبوب ريح الصبا . وزمان الصيف عندهم هو زمان الحصاد واستكمال البزور خلقها . وزمان الخريف عندهم هو الزمان الذي تتمّ فيه الأثمار ، ويظهر اليبس في الأشجار وتتناثر أوراقها . وزمان الشتاء عندهم هو الذي يتمّ به يبس الأشجار ) ، انتهى . وأنت خبير باختلاف هذا بحسب اختلاف الأصقاع ، وكأن صاحب الرسالة رحمه الله تعالى قسّم المنازل على الفصول بحسب الرصد القديم مع القول بعدم حركة المكوكب ، والحقّ أنه يتحرّك حركة بطيئة يقطع الدورة في قريب من ستّة وثلاثين ألف عام . ثمّ قال صاحب الرسالة رحمه الله تعالى - : ( واعلم أن البعد من الشرطين إلى