ومنتهى القصر مبدؤه إن انتهى سفره إلى بلده ، فيتمّ إذا وصل في عوده إلى حدّ محلّ الترخّص في ذهابه وإن لم يدخل البلد ، فضلًا عن المنزل . ولو ردّته الريح في البحر قصّر ما لم يبلغ أحدهما ، والأحوط حينئذٍ الجمع بين الإتمام والقصر . ولو قصد الصبيّ مسافة فبلغ في أثنائها قصّر في الباقي وإن قصر عنها ، وكذا من عرض له الجنون أو الإغماء في السفر ثمّ زال . الثاني : كون السفر سائغاً ، فلا يجوز القصر لمن غايته بسفره المعصية كالإباق والهرب عن الغريم وقطع الطريق وإضرار مسلم في ماله أو عرضه أو نفسه أو الاستعانة بظالم على التمكَّن من مظلمة . ويقصّر من ركب دابّة مغصوبة أو على رَحلٍ مغصوب أو استصحب مغصوباً إن لم نقل : إنه بحكم الغريم الهارب ، وإنه منهيّ عنه ، وإلَّا أتمّ ، والأحوط القصر والإتمام حينئذٍ . والسالك الطريق يرجّح العطب فيه يتمّ ، وهذا الشرط معتبر ابتداءً واستدامةً ، فلو عرض له قصد المعصية في أثنائه انقطع الترخّص حينئذٍ ، ولو عاد إلى الطاعة عاد الترخّص ، ويشترط كون الباقي مسافة ولو بالعَودِ . ولو كان الباعث على السفر طاعة ثمّ عرضت له المعصية لم تضرّ بما هو سبب لترخّصه ما لم تكن المعصية غايته ولو في الأثناء . والثالث : ألَّا يكون السفر عمله ، وهو كثير السفر ، فمن كان كذلك لم يقصّر ولم يفطر ، كالبريد والجابي والمكاري والملَّاح وإن لم يكن أهله معه ، والتاجر يدور بتجارته من سوق للأُخرى . وتتحقّق الكثرة على الأقوى بالسفر مرّتين بدون إقامة عشرة أيّام في بلده مطلقاً ، وفي غيرها إن نوى الإقامة . وبحكمها العشرة بعد الثلاثين ، فمتى تحقّقت له سفرتان كذلك وجب الإتمام والصيام في الثالثة ، سواء جدّ به السير أم لا . ولا يرتفع عنه هذا الحكم في أن السفر عمله حتّى يقطعها بأحد الأمرين السابقين ، فتنقطع الكثرة ويرجع حكمه إلى القصر حتّى تحصل له سفرتان كذلك ، فيتمّ في الثالثة ، وهكذا .