الفقه على المذاهب ، عن الشافعيّة : ( إنّ الوتر سنّة مؤكَّدة وإنّه آكد السنن ، وأقلَّه ركعة وأكثره إحدى عشرة ) . ولا يخفى ما في النقلين من تخالف ، فعلى ما في البداية : الوتر ركعة واحدة ، وعلى ما في الفقه على المذاهب : أقلَّه ركعة ، وأنّه إذا أتى بأكثر فالمجموع وتر . وفتوى الحنابلة في المسألة تشبه فتوى الشافعيّة من أنّ أقلّ الوتر ركعة ، وأكثره إحدى عشرة ، وله أن يوتر بثلاث وهو أقلّ الكمال ، وبخمس وبسبع وبتسع وبإحدى عشرة ، والأفضل أن يسلَّم في كلّ ركعتين ويوتر بواحدة ، وله أن يصلَّيهما بسلام واحد [1] .
[1] الفقه على المذاهب الأربعة : ج 1 ص 331 . ثمّ إنّ في روايات العامّة ما يدلّ على ما يوافق الأئمة من آل البيت عليهم السلام ، موضوعا ( * 1 ) وحكما ، فنذكرها ، ثمّ نشير إلى محلّ الاستدلال ، وهي ما رواه أبو يعلى الموصليّ في مسنده : حدّثنا عبد الأعلى ، حدّثنا يعقوب ، عن عيسى بن جارية ، حدّثنا جابر بن عبد اللَّه قال : جاء ابيّ بن كعب إلى رسول اللَّه ( ص ) فقال : يا رسول اللَّه ، إن كان منّي الليلة شيء - يعني - في رمضان ، قال : وما ذاك يا ابيّ ؟ قال : نسوة في داري قلن : إنّا لا نقرأ القرآن فنصلَّي بصلاتك ، قال : فصلَّيت بهنّ ثمان ركعات ، ثمّ أوترت ، قال : فكان شبه الرضا ، ولم يقل شيئا ( * 2 ) . حدّثنا أبو الربيع ، حدّثنا يعقوب ، أخبرنا عيسى ، عن جابر بن عبد اللَّه قال : صلَّى بنا رسول اللَّه ( ص ) في شهر رمضان ثمان ركعات وأوتر ، فلمّا كانت القابلة اجتمعنا في المسجد ، ورجونا أن يخرج إلينا ، فلم نزل فيه حتى أصبحنا ، ثمّ دخلنا ، فقلنا : يا رسول اللَّه ، اجتمعنا في المسجد ، ورجونا أن تصلَّي بنا ، فقال : إنّي خشيت ، أو كرهت أن تكتب عليكم ( * 3 ) انتهى . أقول : ويظهر منهما تقابل صلاة الليل والوتر خلافا لأكثر العامّة ( * 4 ) ، وأنّ صلاة الليل ثمان ركعات ، وأظهر منهما ما رواه : حدّثنا عبد الأعلى عن عبد الرحمن بن ابي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنّ صلاة رسول اللَّه ( ص ) من الليل ثمان ركعات سوى الوتر ( * 5 ) . وفي مسند عمر بن عبد العزيز : حدّثنا محمد - أي المؤلَّف - حدّثنا محمد بن المصفّى القرشي ، حدّثنا بقية بن الوليد ، حدّثنا أسامة بن زيد ، عن زبّان بن عبد العزيز ، عن عائشة - رضي اللَّه عنها - عن النبيّ ( ص ) انه كان يوتر بثلاث ، يسلَّم في الركعتين سلاما يسمعنا ، ثمّ يقوم فيصلَّي ركعة ( * 6 ) . [ وفيه ] : وحدّثنا الفضل بن يعقوب الرخاميّ ، حدّثنا محمد بن يوسف الغريابي ، حدّثنا الأوزاعيّ ، عن أسامة بن زيد ، عن زبّان بن عبد العزيز ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن عائشة ، قالت : كان رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله يصلَّي يفرّق بين الشفع والوتر ، وأنا في البيت أسمع تسليمه ( * 7 ) . ( * 1 ) لكن لا يستفاد منها كون الوتر مفصولة ، كما هو مذهب أهل البيت عليهم السلام . « منه دام علاه » . ( * 2 ) مسند أبو يعلى الموصليّ : ح 1801 ج 3 ص 236 . ( * 3 ) مسند الموصليّ : ح 1802 ج 3 . ( * 4 ) لا ريب في كون الركعات الثلاث المأتيّ بها بعد الثمان هو وتر لغة . أمّا كون الوتر المرغوب إليها شرعا هي الثلاث أو إحدى عشر فلا يظهر منهما . نعم ، رواية عائشة لا تخلو من ظهور في خروج الثمان عن الوتر المطلوب شرعا . « منه دام علاه » . ( * 5 ) مسند الموصليّ : ح 4650 ج 8 . ( * 6 ) مسند عمر بن عبد العزيز للباغندي : ص 61 ح 14 . ( * 7 ) مسند عمر بن عبد العزيز للباغندي : ص 62 ح 16 .