نَسب هذا القول للشهيد الأول غير واحد ، ولكن لم يذكر أحد مصدره وفي أي كتاب ذكر هذا القول ، إلا أن نقل الشهيد الثاني له في المسالك واللمعة ونسبته إليه يجعل نسبة القول إلى الشهيد بمكان من القوة .
مع أن الشهيد الثاني في كتابيه المسالك واللمعة لم يتعرض لمناقشة هذا القول ، ولم يصرح بالموافقة وهذا توقف منه ، لكن نقله القول في موضعين مع عدم التعرض له يشعر بالموافقة .
وعلى أي حال فهل يصح التعدِّي من بلاد الكفر والشرك في وجوب الهجرة عنها إلى بلاد أهل الخلاف ؟
المسألة محل تأمل وإشكال ، خاصة في زمن الغيبة ومقتضى القاعدة عند الشك عدم التعدِّي إلا بالدليل .
والدليل المتصور لصحة التعدي وحدة الملاك بين القضيتين فإن شعائر الإيمان بعضها واجب كشعائر الإسلام فلو منع المؤمن من إقامتها وإظهارها لزمته الهجرة إلى حيث يقدر على إقامتها ، ولا فرق من أن يُمنع المكلف من إظهار كل شعائره أو يُمنع من إظهار بعضها ، خاصة وأن ما التزم به أهل الخلاف من المفاهيم العقائدية والأحكام الشرعية التي يمكن أن تؤثِّر على المؤمن في بقائه بينهم ، فيها الكثير من الضلال والانحراف والبدع .
ولو قيل أن ظاهرهم رغم انحرافاتهم هو الإسلام وهذا مائز مهم عن بلاد الكفر والشرك .

93