نام کتاب : رسالة في التعرب بعد الهجرة ويليها نظرة في الحفاظ علي المجتمع المؤمن نویسنده : الشيخ قاسم محمد مصري العاملي جلد : 1 صفحه : 279
وقد مرّت الإشارة لذلك ، بل هي منصب مجعول من السماء ، ولكن لما تعدَّى الناسُ حدود الله ، وفسدت الأفراد والمجتمعات ، احتجبت عنهم الحجة وكبرت عليهم المشقة وذلك قوله تعالى : { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون } [326] . فالتخبط التي تعيشه البلاد الإسلامية ، والمهانة والظلم والذلّ والهوان هو بعض ما جنته أيديهم ، فهو حصاد ما كسبوا وقطاف ما زرعوا ، وكل ذلك تنبيها من الله على ظلمهم لعلهم يستيقظوا من غفوتهم ومن سباتهم العميق فيعودوا إلى النهج القويم والصراط المستقيم ، فيلتزموا بتعاليم السماء ويستغفروا عما فرطوا في جنب الله وما انتهكوا من الحرمات ، فيتبعوا وصايا نبيهم سيد المرسلين صلّى الله عليه وآله وسلّم . والى أن يفرج الله عن هذه الأمَّة ويعيد لها مجدها وعزَّها كما وعد عز وجل ، لا مانع بل من الضرورة بمكان العمل على تنظيم الأمر والمحافظة على المجتمع مهما أمكن ، إذ ما لا يدرك كله لا يترك جله ، وهذه ضرورة عقلية وشرعية في كل مجتمع بل في كل جماعة ، حتى لو كانوا قليلين ، وهذه الضرورة ملاك العمل بها باب التزاحم حسب الظاهر ، فإن قاعدة التزاحم قاضية بتعين الأصلح فالأصلح من المؤمنين : أهل العلم والرأي السديد في إدارة شؤون البلاد والعباد عند التزاحم مع غير الصالح أو الظالم أو غير