نام کتاب : رسالة في التعرب بعد الهجرة ويليها نظرة في الحفاظ علي المجتمع المؤمن نویسنده : الشيخ قاسم محمد مصري العاملي جلد : 1 صفحه : 212
والمهم فيما نحن فيه أن يروض الإنسان نفسه على الحب والوله فيما فيه صلاحه ، خاصة فيما يؤول إليه إذا ما تعارض الأمر مع لذّة عاجلة ، انقضائها سريع ، وانسها يسير . أما مع عدم البلاء فالأمر سهل في الجمع بين العاجل والآجل . وهذا ما تمثل جليا بمواقف كربلاء حين دعا الدين أنصاره للشهادة ودعت الدنيا طلابها لملك الري وجرجان ، وتمثل الصراع قويا بين الدعوتين عند شخص الحر بن يزيد الرياحي : فقال : والله لا اختار على الآخرة شيئا . هنا العبرة التي صدع بها كتاب الله في عدّة آيات منها قوله تعالى : { أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [242] . إن معرفة حقيقة الدنيا والآخرة هي الأساس لاكتساب ملكة الزهد الحقيقي وتأصيلها بالنفوس والرقي بها في عوالم الكمال . وقال عليه السّلام : يا أيها الناس ازهدوا في الدنيا فإن عيشها قصير وخيرها يسير وإنها لدار شخوص ومحلة تنغيص وإنها لتدني الآجال وتقطع الآمال