نام کتاب : رسالة في التعرب بعد الهجرة ويليها نظرة في الحفاظ علي المجتمع المؤمن نویسنده : الشيخ قاسم محمد مصري العاملي جلد : 1 صفحه : 204
فكم من فقير استهوته الدنيا بزخاريفها واستولت على جوانحه فهو لا يقدر أن يتخلّى عن ابسط ما فيها ، وقد يتغنى بالزهد وهو أبعد الناس عنه ، ويذم الأغنياء وقد تعلق قلبه بحب الثروة ، وإن كانت بعيدة المنال . وكم من غني باع نفسه ابتغاء مرضاة الله لا تجده إلا حيث يرضي الله ، وقد جاهد نفسه الجهاد الأكبر وأدّى حق الله في عباده ، فهو في النعم شاكراً وفي الشدة صابرا ، لا يشغله عن الله شاغل ، اتعظ من أحوال الماضين فكان مصداق قوله تعالى : { رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ } [231] . ولذلك أشار سيد الزاهدين وإمام الموحدين أمير المؤمنين عليه السّلام بقوله : إن الزهادة قصر الأمل والشكر على النعم والورع عن المحارم فإن عزب [ غرب ] ذلك عنكم فلا يغلب الحرام صبركم ولا تنسوا عند النعم شكركم فقد أعذر الله سبحانه إليكم بحجج مسفرة ظاهرة وكتب بارزة العذر واضحة . [232] وفي آخر : الزهد تقصير الآمال وإخلاص الأعمال . ولو تأملنا هذه المعاني لعلمنا أن الزهَّاد إنما كانوا طريقاً إلى الله لأنهم حازوا على صفة من صفات الأولياء بل أعظم صفة يتصف بها المؤمن .
[231] الآية 37 من سورة النور . [232] غرر الحكم ص 276 ح 6060 .
204
نام کتاب : رسالة في التعرب بعد الهجرة ويليها نظرة في الحفاظ علي المجتمع المؤمن نویسنده : الشيخ قاسم محمد مصري العاملي جلد : 1 صفحه : 204