لكلّ فرد في العالم * ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) * . فهل يكون القمر في المحاق ، ولمّا تسمّى هلالا ، ميقاتا للنّاس ، مبدأ لعباداتهم ومعاملاتهم وحجّهم تاريخهم ؟ وتاريخهم ؟ وهل يدرك العالم والعاميّ ، الحضريّ والبدويّ ، هذا المبدء الوهميّ ، ويجعل مبدأ لتاريخه ؟ وهل يكون هذا معنى الشّريعة السّمحة السّهلة ، يباهي بها أهل الإسلام كافّة المذاهب والمكاتب في العالم ؟ ألا وإنّ نتائج قلَّة التأمّل ، والمبادرة إلى رأي لا يستقيم على أصول متينة ، ممّا يضيق عن الإحاطة بها نطاق البيان . ثمّ إنّ المجيب - حفظه الله - نهض على كسر وصولة هذه المشكلة ، بالاستناد إلى المرتكزات العرفيّة ، مردّدا بأنّ العرف إن اكتفى في دخول الشّهر الجديد بخروج الهلال عن تحت الشّعاع بنحو قابل للرّؤية في نقطة مشتركة معنا في اللَّيل ، ولو كان المقدار الباقي منه عندنا أقلّ منه في تلك النّقطة فقد تطابق المستفاد من الرّوايات مع المرتكزات ، وإلَّا فلا أقلّ من أن يكون الحكم الشرعيّ بوجوب الصّيام بمقتضى الرّوايات المذكورة منوطا بذلك . لأنّه لا إشكال في عدم وجود ارتكاز معاكس على الخلاف ، كي يتجرّأ به أن يرفع اليد عن مقتضى ظهور أدلَّة الباب ، المتمثّلة في الرّوايات الخاصّة الَّتي استند إليها في اختيار القول بعدم لزوم الاشتراك في الآفاق . ولا يخفى ما فيه من اتّهام العرف بوجود هذا الارتكاز أو عدم وجود الارتكاز المعاكس . لأنّ العرف لا يقبل أبدا اشتراك نقطة بعيدة عن نقطة الرّؤية باثنتي عشرة أو عشرين ساعة مثلا في دخول الشّهر الجديد . ولا يلتزم بتّا بأحكام الشّهر القادم من أوّل اللَّيل المنوط بخروج القمر عن تحت الشّعاع ، مع أنّه بعد في المحاق ، ومن ادّعى فقد كابر والعرب بالباب . وأنت يا أيّها المجيب ! سل نفسك بما أنّها من العرف ، لا بما أنّها متّهمة في حدسها ، هل تقبل وأنت في النّجف الأشرف ، بعد تصرّم اللَّيل ، وقبل الفجر بدقيقة ، جاء الخبر في نقطة بعيدة زمانا باثنتي عشرة ساعة ومكانا بفاصل نصف القطر المحيط ، من وسط الأقيانوس الكبير ، بأنّ القمر خرج عن الشعاع ورئي في هذه اللَّحظة في هذا المكان ، وهل تبنى على أنّ اللَّيلة المتصرّمة من أوّلها إلى آخرها مع كون القمر في المحاق من الشّهر