فإذا خرج القمر عن الشّعاع في أيّ لحظة فرضت ، يقارن هذه النّاحية بالضّرورة الكونيّة . فنفس الخروج عن الشّعاع وحدة تحقّق إمكانيّة الرّؤية ، ولا معنى لترقّب زوال أشعّة الشّمس عن المنطقة الَّتي غربت عنها الشّمس . وأمّا النّقطة الرّابعة ، وهي عدم محدوديّة الآفاق المشتركة موضوعا ، لا زمانا ولا مكانا . فنقول : أوّلا إنّ مجرّد عدم محدوديّتها ، واختلافها في الخارج في الشّهور المختلفة ، لا يوجب رفع اليد عن الحكم الثابت بالأدلَّة ، فهل يا ترى يمكن أن يلتزم فقيه برفض الحكم وإبطاله بتّا فيما إذا كان موضوعه غير مشخّص ولا محدّد عنده ، ويلتزم بعموميّة الحكم لموضوع كلَّيّ يندرج تحته جميع جزئيّاته : هذا الموضوع غير المحدّد وغيره ؟ فإذا دلّ الدّليل على موضوعيّة الرّؤية لدخول الشّهور القمريّة ، ثمّ دلّ الدّليل على لزوم القضاء في مصر لم تتحقّق فيه الرّؤية ، لا يكون لنا مناص إلَّا الالتزام باتّحاد الآفاق المشتركة في الرّؤية بالحكومة الشّرعيّة ، والحكم بسعة دائرة الرّؤية بالنّسبة إليها تعبّدا ، بعين ما نحكم بسعة دائرة الرّؤية في بلدة واحدة حقيقة ، إذا رئي الهلال في ناحية منها ولم ير في أخرى . وهذا أحسن تقريب بأحسن بيان أوردناه في المقام على كيفيّة الحكومة وتوسيع دائرة الرّؤية ، بحيث لم يرفض اليد عن الرّوايات الناصّة في دخالة الرّؤية ، ولم يلزم التخصيص فيها كما التزم به العلَّامة في التّذكرة . وذلك لأنّا لو خلَّينا وأنفسنا مع خصوص ما دلّ على لزوم الرّؤية في الشّهور ، لحكمنا بلزومها في كلّ بلدة بلدة ، ولو خلَّينا وأنفسنا مع خصوص ما دلّ على لزوم القضاء فيما لم تتحقّق الرّؤية ، ولم تكن في البين الأدلَّة الناصّة على لزوم الرّؤية ، لذهبنا إلى الشّهور الفلكيّة ، وحكمنا بعدم لزوم الاشتراك في الآفاق بلا تأمّل . فالجمع بين هاتين الطَّائفتين من الرّوايات لا يجعل لنا مخرجا ولا مفرّا إلَّا الالتزام بما يترتّب على أحكام الرّؤية في كلّ ناحية يكون الهلال موجودا في أفقه ، وكان المانع من الرّؤية وجود جبل أو سحاب أو غيم ونحو ذلك ، وترتّب الآثار الشرعيّة من الصّيام ونحوه على تلك الآفاق ، وعدم الالتزام به فيما إذا كان الهلال لا يكون موجودا في أفقه حين دخول اللَّيل في تلك النّاحية بغيبوبة الشّمس تحت افقها .