( وهذا نصّ منه تعالى على معرفة السّنين والحساب ) [1] مرجوع فيها إلى القمر وزيادته ونقصانه ، وأنّ العدد لا حظَّ [2] له في ذلك . ويدلّ أيضا على ذلك ما روى عن النّبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله : من قوله : صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين يوما . فنصّ عليه السّلام أيضا صريحا غير محتمل بأنّ الرّؤية هي الأصل والعدد تابع لها ، وأنّه غير معتبر إلَّا بعد عدم الرّؤية ، ولو كان المعتبر بالعدد لما علَّق الصوم بنفس الرّؤية ، ولعلَّقه بالعدد ، وكان يقول : صوموا بالعدد وأفطروا بالعدد ، والخبر يمنع ذلك بالأشبه . فإن قيل : كيف تستدلَّون بهذا الخبر وهو من الآحاد ، وعندكم أنّ أخبار الآحاد لا يعوّل عليها في علم ولا عمل . قلناه : إنّما نقول في خبر الواحد بما ذكرته إذا لم يقرن به قرينة ولا دلالة تدلّ على صحّته ، وأمّا ما يقرن به قرينة وتدلّ على صحّته دلالة ، فلا بدّ من القول بصحّة مضمونه ، للقرينة به . وهذا الخبر وإن كان من أخبار الآحاد ، فقد عضدته قرينة ، وهي تلقّى الأمّة له بالقبول ، فصحّ الاستدلال به ، وهذا ممّا لا يشتبه مثله على أهل العلم . واعلم أنّه قد ورد في صحّة الصّوم والفطر على رؤية الهلال من الأخبار المتواترة ما يكثر ذكره ويطول إيراده ونحن نورد بعضا من ذلك ليقف عليه من أهّل نفسه بأنس الخبر ، ويميل إليه أكثر من أنسه بطرف النّظر وميله إليها . انتهى الموضع أردنا إيراده من كلامه - قدّه - ثمّ شرع في ذكر الرّوايات الدالَّة على موضوعيّة الرؤية وبحث فيها بحثا تامّا وذكر الرّوايات الدالَّة على عدم جواز التّعويل على الجداول وسائر الطَّرق والأمارات . والحقّ أنّه رحمة الله عليه أوفى البحث في المقام بما لا مزيد عليه ، ونحن نقلنا كلامه بطوله لما فيه من جهات التّنبيه والفائدة ما لا يخفى على الخبير . وما يدلّ على انحصار دخالة الرّؤية رابعا :
[1] ما بين الهلالين ليس في نسخة مكتبة المجلس . [2] في جميع النسخ ( لاحصاله ) فصحّحه المصحّح .