النّجف الأشرف بليل واحد فكيف بسائر نواحي العراق وغيرها . وأيضا على ما ذهبت اليه ، لا بدّ للعلم بمبدء طلوع الهلال في كلّ شهر من محاسبة النّواحي الواقعة في نصف القطر المظلم ، حتّى يحكم بدخول الشّهر فيها ، ومحاسبة النّواحي الواقعة بعد القطر المظلم فيحكم بعدم الدّخول . وهذه محاسبات دقيقة على أساس الهندسة ، يتكفّلها علم الفلك ، خارج عن محطَّ النظر الشّرعيّ ، فلا يكاد يعبأ به الشّارع المبنيّة أحكامه على المساهلات . بخلاف مذهب الجمهور ، من ابتداء كلّ شهر في كلّ ناحية برؤية الهلال فوق أفقه . وممّا ذكرنا يعرف أنّ ما ذكر من أنّ الالتزام بكفاية خروج الهلال عن الشّعاع في مبدء الشّهور ، موجب لوحدة حساب الشّهور وتاريخها ، ومناسب لوحدة شعائرهم المرتبطة بالأيّام والتّواريخ ، كلام على أساس الإحساس ، خال عن التّحقيق ، خارج عن منطق التعقّل الصّحيح ، ساقط من أساسه في الاحتجاجات . هذا ما أردنا بيانه في مسئلة اختلاف التّاريخ على كلّ مسلك . وأمّا النّقاط السّتّة الَّتي حاول فيها الجواب عمّا حرّرنا ، فلم يقع واحد من الأجوبة موقعه . إمّا النّقطة الأولى ، فنقول : كلّ عنوان أخذ في موضوع حكم شرعيّا كان أو غيره ، يقتضي اعتباره قيدا دخيلا في الحكم ، يثبت الحكم بثبوته وينتفي بانتفائه ، إلَّا فيما دلَّت قرينة خاصّة على عدم مدخليّته فيه ، كما أنّ السّنّة دلَّت على عدم دخالة كون الرّبائب في حجور الرّجال في حرمة نكاحهنّ عليهم ، مع ظهور الحرمة في بادى الأمر من قوله عزّ وجلّ * ( وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ ) * ، [1] أو دلَّت قرينة عامّة على عدم المدخليّة ، ككثرة ورود القيد في لسان العرف العامّ ، أو الخاصّ بلا مدخليّة له في الحكم ، وكانت الكثرة إلى حدّ يصرف الموضوع المقيّد عن ظهور دخالة القيد فيه ، فحينئذ يحمل الحكم على نفس الموضوع اللَّابشرط عن وجود القيد وعدمه . وهذا في جملة من الآجال الَّتي أخذ في موضوع حكمها عنوان نفس العلم أو ما هو بمعناه في كونه كاشفا صرفا وطريقا محضا مسلَّم .