لأبي عبد الله عليه السلام : رجل صام يوما ولا يدرى أمن شهر رمضان هو أو من غيره ، فجاء قوم فشهدوا أنّه كان من رمضان فقال بعض الناس عندنا : لا يعتدّ به . فقال : بلى . فقلت : إنّهم قالوا : صمت وأنت لا تدري أمن شهر رمضان هذا أم من غيره . فقال : بلى فاعتدّ به ، إنّما هو شيء وفّقك الله له ، إنّما يصام يوم الشّكّ من شعبان ولا يصومه من شهر رمضان ، لأنّه قد نهى أن ينفرد الإنسان بالصّيام في يوم الشّكّ ، وإنّما ينوي من اللَّيلة أنّه يصوم من شعبان ، فإن كان هو من شهر رمضان أجزأ عنه ، بتفضّل الله ، وبما قد وسّع على عباده ، ولو لا ذلك لهلك النّاس . وبالجملة لا مساغ للقول بالكاشفيّة المحضة للرؤية وأخذها طريقا صرفا إلى ثبوت الهلال ، وواسطة في الإثبات . وكونها أتمّ وأسهل وأعمّ لكلّ أحد ، إنّما هو الدّاعي إلى جعلها موضوعا واحدا فاردا في عالم الجعل والإنشاء وواسطة في الثّبوت ، لا أنّها طريق إلى إحراز الهلال المولد للشّهر الَّذي هو تمام الموضوع . هذا كلَّه ما أردنا من حديث الجزئيّة . وأمّا حديث الصفتيّة في رسالتنا ، ليس المراد بالرؤية المقيّدة بها ، هي الرؤية بما أنّها صفة وكيفيّة نفسانيّة كالحبّ والبغض ونحوهما . بل المراد ، أنّ الرؤية الَّتي هي كاشفة إلى ثبوت الهلال في الأفق ، جعلت دليلا عليه ، بما أنّها رؤية وكاشفة خاصّة وطريقة مخصوصة ، لا بما أنّها كاشفة صرفة غير ملحوظة فيها خصوصيّة الرؤية . لأنّه كما يمكن جعل القطع موضوعا لحكم على وجه الكاشفيّة المحضة ، يمكن أن يجعل موضوعا على وجه الصفتيّة والكاشفيّة الخاصّة ، كما يمكن أن يجعل على وجه الصفتيّة بلا لحاظ جهة الكاشفيّة بل بما أنّه كيف نفسانيّ كسائر الصّفات ، إمّا لإلغاء جهة كشفه ، وإمّا لاعتبار خصوصيّة فيه من كونه من سبب خاصّ أو شخص كذلك أو غيرهما . نصّ على ذلك المحقّق الخراساني - قدّه - في حاشيته على مبحث القطع لشيخنا الأنصاريّ قدّه .