الأقاويل القريبة منه ، فهو منزّل على سماع الفسّاق والمغتلمين [1] من الشبّان [2] . وما ذكره في الكلام على قوله صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم « ما رفع أحد صوته » إلى آخره ، من أنّه منزّل على بعض أنواع الغناء الذي قدّمناه وهو الذي يحرّك من القلب ما هو مراد الشيطان من الشهوة وعشق المخلوقين ، فأمّا ما يحرّك الشوق إلى اللَّه ، أو السرور بالعيد ، أو حدوث الولد ، أو قدوم الغائب ، فهذا كلَّه يضادّ مراد الشيطان [3] انتهى . وغاية ما في الباب الشكّ في شمول هذه الروايات لغير الصوت اللهويّ بنفسه أو باقترانه بالملاهي ، فيبقى على حكم أصل الإباحة . بخلاف ما لو كان الصوت كذلك ، فإنّه محرّم قطعا ، يشمله هذه الأخبار جدّا . بل في العامة أيضا من صرح بذلك ، مع تجويزه السماع مطلقا ، قال : بلى ، إذا كان ذلك الصوت من أمرد يخشى بالنظر إليه الفتنة ، أو من امرأة غير محرم ، وإن وجد من الأذكار والأفكار ما ذكرنا ، يحرم سماعه ، لخوف الفتنة ، لا لمجرد الصوت ، ولكن يجعل السماع حريم الفتنة ، ولكل حرام حريم ينسحب عليه حكم المنع ، لوجه المصلحة كالقبلة للشابّ الصائم حيث جعلت حريم حرام الوقاع ، وكالخلوة بالأجنبية وغير ذلك . فعلى هذا قد تقتضي المصلحة المنع من السماع إذا علم حال السامع وما يؤدّيه إليه سماعه ، فيجعل المنع حريم الحرام . انتهى فتأمل . والظاهر أنّ من حمل الغناء في هذه الأخبار على ما يسمّى في العرف غناء ، مراده ما ذكرناه من الصوت اللهويّ ، وإلَّا فلا إجمال فيه بعد ظهوره فيما ذكرناه ، حتى يحكم فيه العرف ، سيّما مع عدم انضباطه ، فتدبّر .
[1] . الغلمة : هيجان شهوة النّكاح من المرأة والرجل . واغتلم : اشتدّ فيه الغلمة راجع ، لسان العرب مادة غلم . [2] . احياء علوم الدين ، ج 2 ، ص 312 . [3] . المصدر ، ج 2 ، ص 310 .