وكيف كان ، فهل يكتفى في ثبوت اللغة بالواحد من أهلها مطلقا ، أو مع الوثوق به ، أو يشترط التعدّد والعدالة كما في الشهادة ؟ وجوه : مبناها حجية قول اللغويين في الأوضاع من باب الظنّ الخاص ، وعدمها . وربّما يتوهّم أنّ اتفاقهم على حجيّة الظواهر مستلزم لحجية قول أهل اللغة مطلقا ، وهو كما ترى ، فإنّ حجية الظاهر غير حجيّة الظنّ بأنّ هذا ظاهر ، فليتأمل . المقدّمة السادسة : لم يثبت من العرب استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد مطلقا ، سواء كان من المعاني الحقيقة أو المجازية ؟ فمقتضى التوقيف عدم جوازه . نعم ، يجوز استعماله في الأعم من باب عموم المجاز أو عموم الاشتراك . فما يتوهّم منه الاستعمال في المعنيين محمول على هذا القسم . ومن هنا ظهر أنّ الغناء في الأخبار إمّا يحمل على معناه اللغوي ، أو على معناه العرفي ، أو الأعمّ . وحيث لا سبيل إلى الأخير - لكونه مجازا لا دليل عليه - تعيّن الأوّلان ، والثاني مقدّم على الأوّل فيتعيّن ، فتدبّر . قال بعض الأفاضل : الغناء من الألفاظ المشتركة ، واستعمل في الأحاديث مفردا ، ولا يمكن أن يكون مستعملا في كلا معنييه في استعمال واحد ، فوجب أن يكون مستعملا في أحد معنييه . فالغناء المنهيّ عنه مستعمل في الصوت المرجّع المطرب ، بمعنى المفرح . والغناء المرغوب فيه في المطرب بمعنى المحزن . كما يظهر من سياق وصف المنهيّ عنه باللهو والباطل ، والمرغوب فيه بالحزن ، وكونه مذكَّرا للجنّة .