إسم الكتاب : ذريعة الاستغناء في تحقيق مسآلة الغناء ( عدد الصفحات : 173)
سلَّمنا الشكّ في ذلك ، فقد يقال : إن الأصل اتّحاد العرفين ، ولعلَّه ناظر إلى بعد مخالفتهما وتخالفهما مع عدم مضيّ زمان طويل فتدبّر . وكيف كان ، فلو تخالف عرف المتكلَّم والمخاطب ، ففي حمل اللفظ على الأول ، أو الثاني ، أو التفصيل ، أو التوقّف ؟ خلاف ، والتفصيل في الأصول . والظاهر أنّه لا خلاف في وجوب حمل اللفظ على عرف المتكلَّم والمخاطب مع الاتحاد وعدم إرادة المعنى اللغويّ فإنّه هو المعهود من طريقة العقلاء وأرباب المحاورات . مع أنّه لو لاه لانسدّ باب التفهيم والتفاهم . وقد جعلوا ذلك ثمرة الخلاف في مسألة ثبوت الحقيقة الشرعية وعدمه . المقدّمة الخامسة : إذا اختلفت نقلة اللغة في تفسير لفظ : فمع التصريح بالنفي ، يحصل التعارض فيرجع إلى المرجّح ، أو يقدّم قول المثبت فيحكم بالاشتراك على الخلاف . ومع عدمه ، لا تعارض فيحكم بالاشتراك ، إلَّا مع ثبوت التجوّز فانّ الظاهر من اللغويّ بيان الحقيقة دون مجرّد الاستعمال على ما قيل ، فتأمّل . وربّما يفصّل في المقام بأنّ التعارض بين المعنيين : إمّا أن يكون بالتباين ، كان يقول واحد : العين هو الذهب والآخر : إنّه الفضّة . أو بالأعمّ من وجه ، كأن يقول واحد : إن الغناء هو الصوت المطرب ، والآخر : إنّه الصوت مع الترجيع . أو بالأعمّ المطلق ، كأن يقول واحد : الصعيد هو وجه الأرض ، والآخر : إنّه التراب ففي الأوّلين يحكم بالاشتراك ، وفي الأخير يؤخذ بالأعمّ . وفيه نظر ، وفي تمثيله للثاني بما عرفته : مناقشة لما يأتي من أن المطرب لا يكون في ما لا ترجيع فيه .