أو يحكم بتعدّد التكليف ، أي يجب عليه واجب عينيّ وواجب تخييريّ ؟ وجوه ، أظهرها الثاني ، فإنّ المقيّد قرينة كاشفة عن المراد . وللأول : أنّ المطلق بنفسه منصرف إلى الشائع ، والتقييد قرينة لغيره . وفيه نظر . وللثالث : أنّهما خطابان منفردان ، والأصل عدم التداخل ، فتدبّر . والمقيّد بالنادر لو كان منفيّا كأن يقول بعد قوله : أعتق رقبة : لا تعتق رقبة ذات رأسين ، فهو مؤكَّد ، لأنّ النادر غير منصرف إليه من أوّل الأمر . وكذا لو كان التقييد بالفرد الشائع في الإثبات . الثاني : قد شاع بين الفقهاء حمل المطلق على المقيّد اللبيّ ، أي الفرد الشائع ، واللفظي في حال الاختيار ، ولكنّهم في حال التعذّر يتمسكون لثبوت الحكم بالإطلاق ، مثلا يقولون : إن المتبادر من المسح هو المسح بباطن الكفّ ، ومعناه أنّ هذا هو المراد من الأمر بالمسح ، فلا يجوز بغيره ، ومع تعذّر المسح بالباطن يحكمون بالمسح بالظاهر مستندين إلى الإطلاق . فيشكل عليهم أنّ كون المقيّد في [ مقام ] بيان المراد من المطلق يأبى عن ذلك ، فإنّ ظاهر الكف لم يكن مرادا ، فكيف صار عند التعذّر مرادا ؟ مع أنّه يلزم - على القول بأنّ استعمال المطلق في المقيد مجاز - إرادة الحقيقة والمجاز من لفظ واحد ، فإنه أريد به الإطلاق للتمسّك به حال التعذّر ، والتقييد للتمسّك به حال الاختيار . نعم ، لا يرد ذلك على من استند إلى حديث : « الميسور لا يسقط بالمعسور » ونحوه . ويمكن الجواب عنه بأنّه لا مانع من أن يكون المقيّد بالنظر إلى بعض أحوال المكلَّف في مقام البيان ، وبالنظر إلى بعضها في غير هذا المقام ، توضيحه : أنه لو قال للقادر : « امسح » يتبادر منه المسح بالباطن ، ولكن لو قال ذلك للعاجز ، فالمتبادر هو المسح بالظاهر ، فليتأمّل .