إليه كل ليلة وقل ثلاث مرات اللهم ربّ أسلم صل على محمّد وآل محمّد وعجل فرجهم وسلَّمنا . قال إسحاق فما تركته منذ دهري إلَّا مرّة واحدة فضربتني العقرب .
وإذا عرفت ما تلوناه عليك علمت أن مفاد الخبرين المذكورين لا يخلو من دغدغة أمّا الأول فلأنه إنما يصحّ فيما كان عرضه الشمالي أكثر من عرض مكَّة وطوله يساوي طولها وفي غير هذه الصورة لا يصح العمل بإطلاقه لأنه غير متصور قطعا والأخذ بإطلاق وضع الجدي في القفا وإقامة الصلاة مثلا كذلك معلوم البطلان بالضرورة . ولما رأى الفقهاء امتناع العمل بإطلاقه قيّدوه بأهل العراق بقرينة الراوي لأن محمّد بن مسلم كان عراقيا .
ثم لما رأوا أن هذا القيد أيضا لا يكفي في تصحيح معناه ولا ينطبق على كثير من بلاد العراق ارتكبوا فيه التفصيل وقالوا إنما هو لبعض البلاد من العراق ولا يخفى عليك أن الظاهر من هذا الخبر يأبى عن هذه التقييدات ولا قرنية تامّة فيه عليها على أنه مع هذه القيود أيضا غير مستقيم .
ثم ان وضع الجدي على القفا يشمل مطلق الخلف سواء وضع على المنكب الأيمن أو الأيسر أو بين الكتفين ولكنّهم لمّا أرادوا تصحيح الخبر قالوا بجعله خلف المنكب الأيمن لقبلة العراق وهذا القيد أيضا لا قرينة عليها فيه على أنه لا ينطبق على قبلة غالب بلاد الكوفة أيضا لاختلاف درجات الانحراف من الجنوب إلى القبلة فيها وقد جعلوا لقبلة أهل العراق ومن في سمتهم علامتين إحديهما جعل الغرب على الأيمن والمشرق على الأيسر ، وأخريهما جعل الجدي خلف المنكب الأيمن ولا يخفى عليك أن الأولى مخالفة للثانية لأنه إن أريد بالمشرق والمغرب الاعتداليين اعني المشرق والمغرب الحقيقيين فيقع حينئذ الجدي بين الكتفين إن كان على دائرة نصف النهار أعني على حالة غاية ارتفاعه أو انخفاضه وإن لم يكن عليه فتارة يقع خلف المنكب الأيمن وأخرى خلف المنكب الأيسر وإن أريد بالمشرق والمغرب أعمّ من ذلك فالأمر فيه أفحش .

442