النصف هو ظاهر الأمر الأولى بأن يؤخذ به إلى أن يرد بغيره خبر طري . وطول العمارة على ذلك أوفر من عرضها لتعطَّل العمارة في الشمال بالبرد عند ثلثي ربع الدور بالتقريب . انتهى ما أردنا من نقل كلامه .
وتلك الجزائر الآن غير معمورة بل في الماء مغمورة ، وقد جعلها بطليموس وتابعوه مبدأ الطول ، ولما عرف آخرون أنها غرقت في الماء جعلوا ساحل البحر الغربي عند خط الاستواء مبدءا ومنهم العلامة أبو ريحان البيروني في الباب العاشر من المقالة الخامسة من القانون المسعودي ( ص 546 ج 2 ) قال : قد أثبت في هذا الباب جداول تضمّنت أطوال البلدان وعروضها بعد الاجتهاد في تصحيحها بموجب أوضاع بعضها من بعض وما بينهما من المسافات لا بالنقل الساذج من الكتب فإنها فيها مختلطة فاسدة يؤخذ بعض أطوال فيها من جزائر السعادة وبعضها من ساحل البحر المحيط وبينهما عشرة أزمان . ثم أخذ بعضها من المشرق تتمة المأخوذ من المغرب وجعلت نظامها بتزايد الطول دون العرض مبتدئا فيه من الساحل . ( إلخ ) .
أقول : المراد من الأزمان في قوله الدرجات . ولما كان مبدأ الطول قد حوسب من جزائر السعداء ، وقد حوسب من ساحل البحر المحيط الغربي قيّد القوم الأطوال الموضوعة في الكتب بأنها جزائرية أو ساحلية دفعا للالتباس .
وإنما جعلوا مبدأ الطول منتهى العمارة في جانب الغرب امّا لقربه منهم ، وإما لأن يكون طول البلاد كطول الكواكب على التوالي حتى تكون الأرضيات على وفق السماويات ، وإما لأن يكون الطول على نسق واحد .
وقدماء الهند جعلوا مبدأ الطول منتهى العمارة في جانب الشرق وهو عندهم موضع يسمى كنكدز وهو على نفس خط الاستواء وكانت أرصادهم هناك ، وطوله الجزائري نصف الدور . وقال البرجندي في شرح التذكرة : ذكر العلامة أن طوله 170 درجة . وإنما اختاروه إما لقربه منهم ، وإما ليكون ازدياد الطول في جهة الحركة الأولى فتكون الأرضيات على وفق السماويات أيضا من هذه الجهة ،

214