كما أن المتأخرين ذهبوا إلى أن حركتها يكون بالتجاذب ومقتضى طبيعتها .
على أن طائفة من المتقدمين أيضا ذهبوا إلى أن الكواكب تتحرك في الفلك كالحيتان في الماء تسرع وتبطئ وترجع وتقف وتقيم من غير حاجة إلى الأفلاك الجزئية الكثيرة غير الكلية كما في الشفاء .
والهيوي لا يحتاج في أصول استنباطه المطالب النظرية الهيوية إلى تجسم الفلك بالمعنى الذي يفسّر في الطبيعي بل يكفيه مجرد المدارات والدوائر ويسمونها أفلاكا وبها يقضون وطرهم كما صرّحوا بذلك في تصانيفهم القيمة العلميّة :
وهذا هو المحقق الطوسي - قدس سره - قد صرّح بذلك في التذكرة ونذكر طائفة من عبارته مع شرح العلامة الخفري عليها مزجا ، قال في آخر الفصل الخامس من الباب الثاني من كتاب التذكرة :
فهذه المباحث المذكورة في هذا الفصل لضبط الاختلافات المرئية أصول وقوانين لا بد من معرفتها ليحصل الاطلاع بها على أحوال الكواكب في اختلاف حركاتها بحسب الرؤية على وجه يوافق قواعد الحكمة أوردناها في هذا الموضع على سبيل الحكاية أي مجردة عن دلائلها مذكورة بالخطوط في المجسطي وفائدة إيرادها على سبيل التصوير أن يسهل بإدراكها تصور تلك الاختلافات مطابقة لتلك القواعد وبراهين هذه القوانين بعضها مذكور بالفعل في المجسطي وبعضها غير مذكور إلَّا بالقوّة والاقتصار على الدوائر كاف للناظر في البراهين في جميع هذا العلم وإذا اقتصر فيه على ذلك سمّي هيأه غير مجسّمة وكان من العلوم الرياضية الصرفة . واما لمن يحاول تصور مبادي الحركات على وجه يقتضيه قواعدهم فلا بد من معرفة هيأه الأجسام المتحركة بتلك الحركات على وجه يظهر تلك الحركات في مناطقها وإذا اعتبر هذا العلم كذلك سمى هيأه مجسمة وكان له عرق من العلوم الطبيعية التي موضوعها الجسم الطبيعي من حيث الحركة والسكون .

110