وبالجملة ، المستفاد من الصحيحة : التي تأكل العذرة ، والمضارع يفيد الاستمرار التجددي ، ولعله ظاهر في التغذي لا التمحض . وأما هذه الرواية ، فعلى تقدير المقاومة سندا لا يستفاد منها ما يقاومها ويعارضها دلالة ، إذ القدر المستفاد بعنوان الوثوق الفرق بين الاعتلاف مرة أو مرتين بعنوان الاتفاق ، كما في صورة الشرب ، إذ الماضي ظاهر في عدم الدوام والاستمرار ، وبين أن يكون غذاء لها ، الظاهر في مداومة ما ، سيما بملاحظة تركيب العبارة ، أما كون غذائها محض ذلك فلا . وأما مرسلة ابن أسباط [1] ، فظاهرها استمرار الخلط وكون ذلك هو العادة والديدن ، لا أنه وقع خلط نادر أو اتفاقا ، بل لعل التي لم يتحقق منها خلط بالمرة لم يتحقق عادة ، ولو تحقق ففي غاية الندرة ، وحمل الأخبار الكثيرة عليه فيه ما لا يخفى . وبالجملة ، على تقدير العمل بالمرسلتين [2] ، فالظاهر الاكتفاء بالتغذي المحض العرفي ، بحيث يطلق عليه أنها غذاؤها ، وأن الغذاء غير مخلوط ، ولعله مراد الفقهاء رحمهم الله أيضا ، فتأمل . وحينئذ ، لا حاجة إلى تعيين المدة ، بل يحال إلى العرف كسائر ما يحال إليه ، فإن الحال واحد ، والمدار على صحة الإطلاق عندهم ، فتأمل .
[1] الكافي : 6 / 252 الحديث 7 ، وسائل الشيعة : 24 / 164 الحديث 30247 . [2] أي مرسلتي موسى بن أكيل وعلي بن أسباط آنفتي الذكر .