بديهيات العقل أيضا ، فإن الأطفال ، بل المجانين يجزمون بأن إمساك الصائد لا ربط له - أصلا ، ومن جميع الوجوه - بذبح الرجل في التذكية ، لا في الصيد . فإن قلت : إذا كانوا قائلين بحصول التذكية بمجرد القتل يلزمهم القول بالحلية من جهة الأصول والعمومات . قلت : على تقدير التسليم ، فالحجة عليهم ليست سوى الأصول والعمومات ، لا ما لا ربط له [1] أصلا ، بل كان قياسا مع الجامع ، كان القول به والعمل به حراما ، فأي داع إلى ارتكابه ، مع الأدلة الواضحة المسلمة التي لا يمكن لأحد أن يتأمل فيها ، ولم يتأمل أحد فيها ؟ ! مع أنه بديهي أن منعهم ليس إلا من ظاهر القرآن [2] ، وصريح الأخبار الواردة عن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمة ( عليهم السلام ) ، مثل ما روي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال لعدي بن حاتم حين سأله : إني أرسل الكلاب المعلمة ؟ : " إن أكل فلا تأكل ، فإنه أمسكه على نفسه " [3] ، وفي حديث آخر عنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " فإذا أرسلته فقتل ولم يأكل فكل ، فإنه أمسك على صاحبه " [4] . . إلى غير ذلك من الأخبار الصريحة في المنع . قوله : وأنه مذهب العامة ، ومن جملة ما حمل الشيخ في كتابي الأخبار غيرها مما ورد فيه ذلك على التقية . . إلى آخره [5] . صرح السيد ( رحمه الله ) بكون مذهب الشيعة أنه إن ندر أكله حل وإلا حرم ، وأن
[1] كذا ، والظاهر أن الصواب : ( لأن ما لا ربط له ) . [2] إشارة إلى : المائدة [5] : 4 . [3] الخلاف : 3 / 244 . [4] الخلاف : 3 / 244 . ( 5 ) مجمع الفائدة والبرهان : 11 / 35 .