لا يخفى أن سبب الضمان ليس منحصرا في الإتلاف ، فإنهم ربما يحكمون بالضمان بسبب الإضرار ، استنادا إلى قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " لا ضرر ولا ضرار " [1] ، وقدماء فقهائنا والمحدثين لا يذكرون في باب الضمان بمثل الغصب والإتلاف سوى هذا الحديث ، وحديث : " ليس لعرق ظالم حق " [2] ، ولم يذكروا حديث : " على اليد " ، فضلا عن تعريفاته . والمتأخرون في كثير من المواضع يستندون إلى حديث " لا ضرر ولا ضرار " ، ومع ذلك لا أراهم يراعون هذا الحديث في كتاب الغصب والإتلاف ، بل يحكمون بأن الغاصب يضمن أعلى القيم وإن كان المتلف غيره ، إذا كان قيميا أو مثليا ولم يوجد ، ويقولون : هو مأخوذ بأشق الأحوال ، ولا دليل عليه من الأخبار سوى هذا الحديث ، بل وليس إجماع عليه ، ولا دليل آخر ، وحديث " على اليد " لا يدل عليه ، فإن حديث " لا ضرر ولا ضرار " حجة ، فمقتضاه أن كل نحو من أنحاء الضرر يجب تداركه ورفعه على من أضر . وربما كان في أيام الغلاء والقحط والحصار يصير صاع من الطعام ألف دينار ، فإذا غصب غاصب ألف صاع منه من مسلم ، بل ويتيم ، وذلك المسلم واليتيم يشتري بأمواله العظيمة أصوعا منه لقوته ونجاته من الهلكة ، وربما يموت من الجوع جمع من عياله ودوابه ، ومع ذلك يكون ذلك الغاصب صاحب طعام كثير يبيع طعامه بألف تومان ويتعيش بالطعام المغصوب ، ثم بعد رفع الموانع وحصول الرخص العظيم الزائد صار الطعام كل ألف صاع بدينار يرد مثل ما غصبه من المالك بعد ما أخرج وأنفق جميع أمواله الكثيرة غاية الكثرة في شراء
[1] مر آنفا . [2] عوالي اللآلي : 2 / 257 الحديث 6 ، وسائل الشيعة : 19 / 157 الحديث 24363 .